التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٨
قال: قد والله كانوا شباعا ولكنهم من الخوف قالوا: هذا، وألقى الله في قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى: (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب). فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبأ (1) أصحابه، وكان في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرسان: فرس للزبير بن العوام، وفرس لمقداد، وكان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل يتعاقبون عليه، والجمل لمرثد، وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس. فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بين يديه، فقال: غضوا أبصاركم ولا تبدؤهم بالقتال، ولا يتكلمن أحد. فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال أبو جهل: ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد.
فقال عتبة بن ربيعة: أترى لهم كمينا ومددا؟ فبعثوا عمرو بن وهب الجمحي، وكان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم صعد في الوادي وصوت، ثم رجع إلى قريش فقال: ما لهم كمين ولا مدد ولكن نواضح (2) يثرب قد حملت الموت الناقع، أما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم، وما أريهم يولون حتى يقتلوا، ولا يقتلون حتى تقتلوا بعددهم فارتأوا (3) رأيكم، فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ سحرك حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب.
وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين نظروا إلى كثرة

1 - عبأ المتاع والامر كمنع هيأه والجيش جهزه كعبأه تعبية وتعبيئا فيهما والطيب صنعه وخلطه.
2 - نضح البعير الماء حمله من نهر وبئر لسقي الزرع فهو ناضح سمي بذلك لأنه ينضح الماء أي يصبه والأنثى ناضحة وسانية أيضا والجمع نواضح وهذا أصله ثم استعمل الناضح في كل بعير وان لم يحمل الماء.
3 - رتأ العقدة كمنع رتأ شدها وفلانا خنقه وأقام وانطلق.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست