والآثار تدل على أن في معاني القرآن لأرباب الفهم متسعا بالغا ومجالا رحبا قال الله عز وجل: * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها) * وقال سبحانه:
(ونزلنا عليك الكتاب تبينا لكل شئ).
وقال * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) *. وقال: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *.
وقال النبي (صلى الله وآله وسلم): إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط وكيف يمكن العرض ولا يفهم به شئ، وقال (ص): القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) الا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن. وقال (عليه السلام) من فهم القرآن فسر جمل العلم.
أشار به إلى أن القرآن مشير إلى مجامع العلوم كلها إلى غير ذلك من الآيات والأخبار فالصواب أن يقال من أخلص الانقياد لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأهل البيت (عليهم السلام) وأخذ علمه منهم وتتبع آثارهم واطلع على جملة من أسرارهم بحيث حصل له الرسوخ في العلم والطمأنينة في المعرفة وانفتح عينا قلبه وهجم به العلم على حقائق الأمور وباشر روح اليقين واستلان ما استوعره المترفون وأنس بما استوحش منه الجاهلون وصحب الدنيا ببدن روحه معلقة بالمحل الأعلى فله أن يستفيد من القرآن بعض غرائبه ويستنبط منه نبذا من عجائبه ليس ذلك من كرم الله تعالى بغريب ولا من جوده بعجيب فليست السعادة وقفا على قوم دون آخرين وقد عدوا (عليهم السلام) جماعة من أصحابهم المتصفين بهذه الصفات من أنفسهم كما قالوا سلمان منا أهل البيت (عليهم السلام) فمن هذه صفته لا يبعد دخوله في الراسخين في العلم العالمين بالتأويل بل في قولهم نحن الراسخون في العلم كما دريت في المقدمة السابقة فلا بد من تنزيل التفسير المنهي عنه على أحد وجهين: الأول: أن يكون للمفسر في الشئ رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأول القرآن على وفق. رأيه وهواه ليحتج على تصحيح غرضه ومدعاه ولو لم يكن ذلك الرأي والهوى لكان لا يلوح له من