قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) قال فيه (هذا من أفصح الكلام وأبلغه في معناه قصد إلى التعجب بغير صيغة التعجب لتعظيم الأمر الخ) قال أحمد: وزائد على هذه الوجوه الأربعة وجه خامس وهو تكراره لقوله ما لا تفعلون وهو لفظ واحد في كلام واحد، ومن فوائد التكرار التهويل والإعظام، وإلا فقد كان الكلام مستقلا لو قيل كبر مقتا عند الله ذلك، فما إعادته إلا لمكان هذه الفائدة الثانية، والله أعلم.
قوله تعالى (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) قال فيه (ذكره لهذا عقيب ذكر مقت المخلف دليل الخ) قال أحمد: صدق والأول كالبسطة العامة لهذه القصة الخاصة كقوله تعالى - يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم - يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي - فالنهي العام ورد أولا، والمقصود اندراج هذا الخاص فيه كما تقول للمقترف جرما معينا، لا تفعل ما يلصق العار بك ولا تشاتم زيدا، وفائدة مثل هذا النظم النهى عن الشئ الواحد مرتين مندرجا في العموم ومفردا بالخصوص، وهو أولى من النهى عنه على الخصوص مرتين، فإن ذلك معدود في حيز التكرار وهذا لا يتكرر مع ما في التعميم من التعظيم والتهويل، والله أعلم. عاد كلامه، قال في قوله تعالى (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) (حالان متداخلان) قال أحمد: يريد أن معنى الأولى مشتمل على معنى الثانية لأن التراص هيئة للاصطفاف، والله أعلم.