أغفر لكم التحق ذلك بأمثال قوله تعالى - قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة - فإنه رتب فعل الصلاة على الأمر بها حتى كأنه قال: فإنك إن تقل لهم أقيموا يقيموها. ولقائل أن يقول: قد قيل لبعضهم أقم الصلاة فتركها.
فالجواب عنه: أن الأمر الموجه على المؤمن الراسخ في الإيمان لما كان مظنة لحصول الامتثال جعل كالمحقق وقوعه مرتبا عليه، وكذلك ههنا لما كانت دلالة الذين آمنوا على فعل الخير مظنة لامتثالهم وامتثالهم سببا في المغفرة محققا عومل معاملة تحقق الامتثال والمغفرة مرتبين على الدلالة، والله أعلم.
قوله تعالى (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) قال فيه (معناه: إن كنتم تعلمون أنه خير لكم كان خيرا لكم الخ) قال أحمد: كأنه يجرى الشرط على حقيقته، وليس بالظاهر لأن علمهم لذلك محقق، إذ الخطاب مع المؤمنين والظاهر أنه من وادى قوله - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين - والمقصود بهذا الشرط التنبيه على المعنى الذين يقتضى الامتثال وإلهاب الحمية للطاعة كما تقول لمن تأمره بالانتصاف من عدوه: إن كنت حرا فانتصر، تريد أن تثير منه حمية الانتصار لا غير، والله أعلم.