قوله تعالى (ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان) قال (فإن قلت: قد علم أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يدرى الكتاب قبل الوحي الخ) قال أحمد: لما كان معتقد الزمخشري أن الإيمان اسم التصديق مضافا إليه كثير من الطاعات فعلا وتركا حتى لا يتناول الموحد العاصي ولو بكبيرة واحدة اسم الإيمان ولا يناله وعد المؤمنين وتفطن لإمكان الاستدلال على صحة معتقده بهذه الآية عدها فرصة لينتهزها وغنيمة ليحرزها، وأبعد الظن بإيراده مذهب أهل السنة على صورة السؤال ليجيب عنه بمقتضى معتقده فكأنه يقول: لو كان الإيمان هو مجرد التوحيد والتصديق كما تقول أهل السنة للزم أن ينفى عن النبي عليه الصلاة والسلام قبل المبعث بهذه الآية كونه مصدقا، ولما كان التصديق ثابتا للنبي عليه الصلاة والسلام قبل البعث باتفاق الفريقين لزم أن لا يكون الإيمان المنفى في الآية عبارة عما اتفق على ثبوته، وحينئذ يتعين صرفه إلى مجموع أشياء من جملتها التصديق ومن جملتها كثير من الطاعات التي لم تعلم إلا بالوحي وحينئذ يستقيم نفيه قبل البعث، وهذا الذي طمع فيه يخرط القتاد ولا يبلغ منه ما أراد، وذلك أن أهل السنة وإن قالوا إن الإيمان هو التصديق خاصة حتى يتصف به كل موحد وإن كان فاسقا يخصون التصديق بالله وبرسوله، فالنبي عليه الصلاة والسلام مخاطب في الإيمان بالتصديق برسالة نفسه، كما أن أمته
(٤٧٦)