الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٣١٥
المقمحين في أنهم لا يلتفتون إلى الحق ولا يطأطئون رؤوسهم له وكالحاصلين بين سدين لا يبصرون ما قدامهم ولا ما خلفهم. قال: والضمير للاغلال لان طوق الغل يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود نارا من الحلقة إلى الذقن فلا تخليه يطأطئ رأسه فلا يزال مقمحا انتهى كلامه. قلت: إذا فرقت هذا التشبيه كان تصميمهم على الكفر مشبها بالاغلال وكان استكبارهم عن قبول الحق وعن الخضوع والتواضع لاستماعه مشبها بالاقماح لان المقمح لا يطأطئ رأسه، وقوله - فهي إلى الأذقان - تتمة للزوم الاقماح لهم، وكان عدم الفكر في القرون الخالية مشبها بسد من خلفهم وعدم النظر في العواقب المستقبلة مشبها بسد من قدامهم. قال: فإن قلت:
فما قولك فيمن جعل الضمير للأيدي وزعم أن الغل لما كان جامعا لليد والعنق وبذلك يسمى جامعة كان ذكر الأعناق دالا على ذكر الأيدي. وأجاب بأن الوجه هو الأول، واستدل على هذا التفسير الثاني بقوله فهم مقمحون لأنه جعل الاقماح نتيجة قوله - فهي إلى الأذقان - ولو كان الضمير للأيدي لم يكن معنى التسبب في الاقماح ظاهرا وترك الحق لابلج للباطل اللجلج انتهى كلامه. قلت: ويحتمل أن تكون الفاء للتعقيب كالفاء في الأولى في قوله - فهي إلى الأذقان - أو للتسبب، ولا شك أن ضغط اليد مع العنق في الغل يوجب الاقماح، فإن اليد والعياذ بالله تعالى تبقى ممسكة بالغل تحت الذقن دافعة بها ومانعة من وطأتها ويكون التشبيه أتم على هذا التفسير، فإن اليد متى كانت مرسلة مخلاة كان للمغلول بعض الفرج بإطلاقها، ولعله يتحيل بها على فكاك الغل، ولا كذلك إذا كانت مغلولة فيضاف إلى ما ذكرناه من التشبيهات المفرقة أن يكون انسداد الحيل عليهم في الهداية والانخلاع من ربقة الكفر المقدر عليهم مشبها بغل الأيدي، فإن اليد آلة الحيلة إلى الخلاص.]
(٣١٥)
مفاتيح البحث: الفرج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 308 309 313 314 315 316 318 321 322 323 ... » »»