الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
والوليد بن عقبة يوم بدر كلام، فقال له الوليد: أسكت فإنك صبي أنا أشك منك شبابا وأجلد جلدا وأذرب لسانا وأحد منك سنانا وأشجع جنانا وأملا حشوا في الكتيبة، فقال له علي: اسكت فإنك فاسق. قال الزمخشري:
فنزلت عامة للمؤمنين والكافرين تتناولهما معا) قال احمد: ذكر للسبب المحقق لان المراد بالفاسق وبالذين فسقوا الذين كفروا لأنها نزلت في الوليد وهو كافر حينئذ، ثم أدرج فيه المؤمن تعصبا لمذهبه في وجوب خلود فاسق المؤمنين كفساق الكافرين، فلم يزل يورد هذه العقائد الفواسد، ولقد اتسع الخرق على الراقع.
قوله تعالى (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) قال (معناه: لعلهم يتوبون.
فإن قلت: من أين صح تفسير الرجوع بالتوبة ولعل من الله إرادة وإذا أراد الله شيئا كان وتوبتهم مما لا يكون لانهم لو تابوا لم يكونوا ذائقين العذاب الأكبر؟ قلت: إرادة الله تعالى تتعلق بأفعاله وأفعال عباده، فإذا أراد شيئا من أفعاله كان ولم يمتنع للاقتدار وخلوص الداعي. وأما أفعال عباده، فإما أن يريدها وهم مختارون لها أو مضطرون إليها بقسره، فإن أرادها وقد قسرهم عليها فحكمها حكم أفعاله، وإن أرادها على أن يختاروها وهو عالم أنهم لا يختارونها لم يقدح ذلك في اقتداره كما لا يقدح في اقتدارك إرادتك أن يختار عبدك الطاعة لك وهو لا يختارها لان اختيارها لا يتعلق بقدرتك فلا يكون فقده عجزا منك) قال أحمد: هذا الفصل ردئ جدا مفرع على الاشراك الجلي لا على الاشراك الخفي، فاعتصم بدليل الوحدانية على رده واجتنابه من أصله والله المستعان، وإنما جره في تفسير لعل إلى الإرادة والحق في تفسيرها أنها لترجى المخاطبين امتناع الترجي على الله تعالى، كذا فسرها سيبويه فيما تقدم، والله أعلم.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 243 244 245 249 252 259 260 265 ... » »»