قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) قال (معنى الحسنى التي هي أحسن الأسماء الخ) قال أحمد: أي مما يجوز عليه وإن لم يرد إطلاقه شرعا كالشريف والعارف ونحو ذلك. عاد كلامه، قال (كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم الخ) قال أحمد: وفي هذا التأويل بعد، لأن ترك الدعاء ببعض الأسماء لا يطلق عليه إلحاد في العرف، وإنما يطلق على فعل لا على ترك، ولكن يتميز عن الوجه السالف بأنه أضاف الأسماء الملحد فيها إلى ذاته، وهذا أدل على الرحمن منه على مثل أبيض الوجه ونحوه، فإن هذا ليس من أسمائه إلا أن يقال أضافه إليه تنزيلا على زعمهم. عاد كلامه، قال (ويجوز أن يراد ولله الأوصاف الحسنى وهي الوصف بالعدل والخير الخ) قال أحمد: لا يدع حشو العقائد الفاسدة في غير موضع يسعها، فإن لم يكن المراد الأوصاف فالحسنى منها وصف الله بعموم القدرة والانفراد بالمخلوقات حتى لا يشرك معه عباده في خلق أفعالهم، ويعظم الله تعالى بأنه لا يسئل عما يفعل وإن كل قضائه عدل، وأنه لا يجب عليه رعاية ما يتوهمه الخلق مصلحة بعقولهم وأن وعده الصدق وقوله الحق، وقد وعد رؤيته فوجب وقوعها إلى غير ذلك من أوصافه الجليلة وذروا الذين يلحدون في أوصافه فيجحدونها، ثم يزعمون أنه لا يشمل قدرته المخلوقات بل هي مقسومة بينه وبين عباده، ويوجبون عليه رعاية ما يتوهمونه مصلحة ويحجرون واسعا من مغفرته وعفوه وكرمه على الخاطئين من موحديه إلى غير ذلك من الإلحاد المعروف بالطائفة المتلقبين عدلية المزكين لأنفسهم - وهو أعلم بمن اتقى - عاد كلامه، قال (وقيل إلحادهم في أسمائه تسميتهم الخ) قال أحمد: وهذا تفسير حسن ملائم، والله أعلم.
(١٣٢)