كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) قال (في هذا إخبار بما سوف يقولونه الخ) قال أحمد: وفائدته توطين النفس على الجواب ومكافحتهم بالرد وإعداد الحجة قبل أوانها كما قال - سيقول السفهاء من الناس - عاد كلامه قال (فلما وقع ذلك منهم قال وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ يعنون بكفرهم الخ) قال أحمد رحمه الله قد تقدم أيضا الكلام على هذه الآية وأوضحنا أن الرد عليهم إنما كان لاعتقادهم أنهم مسلوبون اختيارهم وقدرتهم، وأن إشراكهم إنما صدر منهم على وجه الاضطرار، وزعموا أنهم يقيمون الحجة على الله ورسله بذلك، فرد الله قولهم وكذبهم في دعواهم عدم الاختيار لأنفسهم، وشبههم بمن اغتر قبلهم بهذا الخيال فكذب الرسل وأشرك بالله واعتمد على أنه إنما يفعل ذلك كله بمشيئة الله ورام إفحام الرسل بهذه الشبهة، ثم بين الله تعالى أنهم لا حجة لهم في ذلك، وأن الحجة البالغة له لا لهم بقوله - قل فلله الحجة البالغة - ثم أوضح تعالى أن كل واقع بمشيئته، وأنه لم يشأ منهم إلا ما صدر عنهم، وأنه لو شاء منهم الهداية لاهتدوا أجمعون بقوله - فلو شاء لهداكم أجمعين - والمقصود من ذلك أن يتمحض وجه الرد
(٥٩)