لذلك. فالحاصل أن اتصاله بالمضاف إليه ليس كاتصال غيره وقد جاء الفصل بن المضاف غير المصدر وبين المضاف إليه بالظرف، فلا أقل من أن يتميز المصدر على غيره لما بيناه من انفكاكه في التقدير وعدم توغله في الاتصال بأن يفصل بينه وبين المضاف إليه بما ليس أجنبيا عنه وكأنه بالتقدير فكه بالفعل، ثم قدم المفعول على الفاعل وأضافه إلى الفاعل وبقي المفعول مكانه حين الفك، ويسهل ذلك أيضا تغاير حال المصدر، إذ تارة يضاف إلى الفاعل وتارة يضاف إلى المفعول، وقد التزم بعضهم اختصاص الجواز بالفصل بالمفعول بينه وبين الفاعل لوقوعه في غير مرتبته، إذ ينوى به التأخير، فكأنه لم يفصل، كما جاز تقدم المضمر على الظاهر إذا حل في غير رتبته لأن النية به التأخير، وأنشد أبو عبيدة * فداسهم دوس الحصاد الدائس * وأنشد أيضا: يفركن حب السنبل الكنافج * بالقاع فرك القطن المحالج ففصل كما ترى بين المصدر وبين الفاعل بالمفعول، ومما يقوى عدم توغله في الإضافة جواز العطف على موضع مخفوضه رفعا ونصبا، فهذه كلها نكت مؤيدة بقواعد منظرة بشواهد من أقيسة العربية يجمع شمل القوانين النحوية لهذه القراءة، وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربية بل تصحيح قواعد العربية بالقراءة، وهذا القدر كاف إن شاء الله في الجمع بينهما والله الموفق. وما أجريناه في إدراج الكلام من تقريب إضافة المصدر من غير المحضة إنما أردنا انضمامه إلى غيره من الوجوه التي تدل باجتماعها على أن الفصل غير منكر في إضافته ولا مستبعد من القياس
(٥٤)