قوله تعالى (قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى) قال (لقد ألهمهم الله حسن الأدب مع موسى عليه السلام في تخييره وإعطاء النصفة من أنفسهم الخ) قال أحمد: وقيل ذلك تأدبوا معه بقولهم - فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه - ففوضوا ضرب الموعد إليه وكما ألهمهم الله عز وجل موسى ههنا أن يجعلهم مبتدئين بما معهم ليكون إلقاؤه العصا بعد قذفا بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، كذلك ألهمه من الأول أن يجعل موعدهم يوم زينتهم وعيدهم ليكون الحق أبلج على رؤوس الأشهاد فيكون أفصح لكيدهم وأهتك لستر حرمهم، والله أعلم.
قوله تعالى (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) قال (وقال ما في يمينك ولم يقل عصاك الخ) قال أحمد: وإنما المقصود بتحقيرها في جنب القدرة تحقير كيد السحرة بطريق الأولى، لأنها إذا كانت أعظم منة وهى حقيرة في جانب قدرة الله تعالى فما الظن بكيدهم وقد تلقفته هذه الحقيرة الضئيلة؟ ولأصحاب البلاغة طريق في علو المدح بتعظيم جيش عدو الممدوح ليلزم من ذلك تعظيم جيش الممدوح وقد قهره واستولى عليه فصغر الله أمر العصا ليلزم منه تصغير كيد السحرة الداحض بها في طرفة عين. عاد كلامه، قال (ويجوز أن يكون تعظيما لأمرها إذ فيه تثبيت لقلب موسى على النصر الخ) قال أحمد: وههنا لطيفة وهو أنه تلقى من هذا النظم أو لا قصد التحقير، وثانيا قصد التعظيم فلا بد من نكتة تناسب الأمرين، وتلك والله أعلم هي إرادة المذكور منهما لأن ما في يمينك أبهم