الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٥٤٢
الناس ضحى) قال (إن جعلت وعدا الأول اسم مكان ليطابق قوله مكانا سوى لزمك الخ) قال أحمد: وفى إعماله وقد وصف بقوله لا نخلفه بعد إلا أن تجعل الجملة معترضة فهو مع ذلك لا يخلو من بعد من حيث إن وقوع الجملة عقيب النكرة بحيزها الشأن أن تكون صفة والله أعلم. ويحتمل عندي وجه آخر أخصر وأسلم، وهو أن يجعل موعدا اسم مكان فيطابق مكانا ويكون بدلا منه، ويطابق الجواب بالزمان بالتقرير الذي ذكره ويبقى عود الضمير فنقول هو والحالة هذه عائد على المصدر المفهوم من اسم المكان لأن حروفه فيه، والموعد إذا كان اسم مكان فحاصله مكان وعد، كما إذا كان اسم زمان فحاصله زمان وعد، وإذا جاز رجوع الضمير إلى ما دلت قوة الكلام عليه وإن لم يكن منطوقا به بوجه فرجوعه إلى ما هو كالمنطوق به أولى، ومما يحقق ذلك أنهم قالوا: من صدق كان خيرا له: يعنون كان الصدق خيرا له، فأعادوا الضمير على المصدر وقدروه منطوقا به للنطق بالفعل الذي هو مشتق منه، وإذا أوضح ذلك فاسم المكان مشتق من المصدر اشتقاق الفعل منه، فالنطق به كاف في إعادة الضمير على مصدره، والله أعلم. وعلى هذين التأويلين يكون جواب موسى عليه السلام من جوامع كلم الأنبياء، لأنه سئل أن يواعدهم مكانا فعلم أنهم لا بد أن يسألوه مواعدة على زمان أيضا، فأسلف الجواب عنه وضمنها جوابا مفردا. ولقائل أن يقول: إن كان المسؤول منه المواعدة على المكان فلم أجاب بالزمان الذي لم يسئل عنه صريحا وجعل جواب ما سئل عنه مضمنه وجوابه والله أعلم أن يقول: اكتفى بقرينة السؤال عن صريح الجواب، وأما مالم يسئل عنه فلو ضمنه لم يفهم قصده إليه إذا لا قرينة تدل عليه، والله أعلم.]
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 544 545 546 547 548 ... » »»