الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٤١٨
قوله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله إن الدين عند الله الإسلام) قال محمود (إن قلت ما فائدة تكرار لا إله إلا هو إلخ؟) قال أحمد: وهذا التكرار لما قدمته في نظيره مما صدر الكلام به إذا طال عهده، وذلك أن الكلام مصدر بالتوحيد، ثم أعقب التوحيد تعداد الشاهدين به، ثم قوله قائما بالقسط وهو التنزيه فطال الكلام بذلك، فجدد التوحيد تلو التنزيه ليلي قوله - إن الدين عند الله الإسلام - ولولا التجديد لكان التوحيد المتقدم كالمنقطع في الفهم مما أريد إيصاله به والله أعلم (قوله وفيه أن من ذهب إلى تشبيه إلخ) قال أحمد: هذا تعريض بخروج أهل السنة من ربقة الإسلام بل تصريح وما ينقم منهم إلا أن صدقوا وعد الله عباده المكرمين على لسان نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم بأنهم يرون ربهم كالقمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته ولأنهم وحدوا الله حق توحيده فشهدوا أن لا إله إلا هو ولا خالق لهم ولأفعالهم إلا هو، واقتصروا على أن نسبوا لأنفسهم قدرة تقارن فعلهم لا خلق لها ولا تأثير غير التمييز بين أفعالهم الاختيارية والاضطرارية، وتلك المعبر عنها شرعا بالكسب في مثل قوله تعالى - بما كسبت أيديكم - هذا إيمان القوم وتوحيدهم لا كقوم يغبرون في وجه النصوص فيجحدون الرؤية التي يظهر أن جحدهم لها سبب في حرمانهم إياها ويجعلون أنفسهم الخسيسة شريكة لله في مخلوقاته فيزعمون أنهم يخلقون لأنفسهم ما شاءوا من الأفعال على خلاف مشيئة ربهم محادة ومعاندة لله في ملكه، ثم بعد ذلك يتسترون بتسمية أنفسهم أهل العدل والتوحيد، والله أعلم بمن اتقى ولجبر خير من إشراك إن كان أهل السنة مجبرة فأنا أول المجبرين، ولو نظرت أيها الزمخشري بعين الإنصاف إلى جهالة القدرية وضلالها لانبعثت إلى حدائق السنة وظلالها، ولخرجت من مزالق البدع ومزالها، ولكن كره الله انبعاثهم، ولعلمت أي الفريقين أحق بالأمن وأولى بالدخول في أولي العلم المقرونين في التوحيد بالملائكة المشرفين بعطفهم على اسم الله عز وجل. اللهم ألهمنا على اقتفاء السنة شكرك، ولا تؤمنا مكرك إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فليس ينجي من الخوف إلا الخوف، والله ولي التوفيق.
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 418 421 424 425 426 427 ... » »»