الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٤١٣
القدر من الكلية المتفق عليها بين الفريقين لا يثبت لما سماه أهل ذلك الفن مهملا، بل هذا هو الكلي عندهم والله الموفق، وأما الآيتان الأخريان اللتان إحداهما قوله تعالى - إن الله لا يأمر بالفحشاء - والأخرى التي هي قوله تعالى - أمرنا مترفيها ففسقوا فيها - فلا ينازع الزمخشري في تمثيل المحكم والمتشابه بهما.
قوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) قال محمود (معناه لا يهتدي إلى تأويله إلخ) قال أحمد:
قوله لا يهتدي إليه إلا الله عبارة قلقة ولم يرد إطلاق الاهتداء على علم الله تعالى مع أن في هذه اللفظة إيهاما، إذ الاهتداء لا يكون في الإطلاق إلا عن جهل وضلال جل الله وعز، حتى إن الكافر إذا أسلم أطلق أهل العرف عليه فلان المهتدي ذلك مقتضى اللغة فيه فإنه مطاوع هدى، يقال هديته فاهتدى، والإجماع منعقد على أن ما لم يرد إطلاقه وكان موهما لا يجوز إطلاقه على الله عز وجل، ولذا أنكر القاضي إطلاقه المعرفة على علم الله تعالى حيث حد مطلق العلم بأنه معرفة المعلوم على ما هو عليه، فلأن ينكر الزمخشري إطلاق الاهتداء على علم الله تعالى أجدر وما أراها صدرت منه إلا وهما حيث أضاف العلم إلى الله تعالى وإلى الراسخين في العلم، فأطلق الاهتداء على الراسخين أو غفل عن كونه ذكرهم مضافين إلى الله تعالى في الفعل المذكور والله أعلم.
قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) قال محمود (معناه ربنا لا تبلنا ببلايا إلخ) قال أحمد: أما أهل السنة فيدعون الله بهذه الدعوة غير محرفة، لأنهم يوحدون حق التوحيد فيعتقدون أن كل حادث من هدي وزيغ مخلوق
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 410 411 412 413 414 415 416 418 421 ... » »»