الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٤١١
قبل هدى للناس وأنزل الفرقان) قال محمود (فإن قلت: لم قيل في القرآن نزل على صيغة فعل إلخ) قال أحمد:
يريد لأن فعل صيغة مبالغة وتكثير، فلما كان نزول القرآن منجما كان أكثر تنزيلا من غيره لتفرقه في مرار عديدة فعبر عنه بصيغة مطابقة لكثرة تنزيلاته، وعبر عن الكتابين بصيغة خلية عن المبالغة والتكثير والله أعلم. عاد كلامه قال: والفرقان يحتمل أن يراد به جميع الكتب السماوية لأنها تفرق بين الحق والباطل، أو الكتب التي ذكرها أو أراد الكتاب الرابع وهو الزبور كما أفرده وأخر ذكره في قوله - وآتينا داود زبورا - أو كرر ذكر القرآن بما هو نعت له، ومدح من كونه فارقا بين الحق والباطل بعد ما ذكره باسم الجنس تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله والله أعلم.
قال أحمد: وقد جعل الزمخشري سر التعبير عن نزول القرآن بصيغة فعل تفريقه في التنزيل كما تقدم آنفا، ثم حمل الفرقان على أحد تأويلاته على القرآن والتعبير عنه بأفعل كغيره، فإن يكن هذا والله أعلم، فالوجه أنه لما عبر أولا عن نزوله الخاص به أتى بعبارة مطابقة لقصد الخصوصية، فلما جرى ذكره ثانيا لينعت بصفة زائدة على اسم الجنس عبر عن نزوله من حيث الإطلاق اكتفاء بتميزه أولا وإجمالا لذلك في غير مقصوده، ومن العبارة السائرة عن هذا المعنى الكلام يجمل في غير مقصوده ويفصل في مقصوده.
قوله تعالى (والله عزيز ذو انتقام) قال محمود (معناه له انتقام شديد إلخ) قال أحمد: وإنما يلقى هذا التفخيم من التنكير وهو من علاماته مثله في قوله - فقل ربكم ذو رحمة واسعة -.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»