الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٩٩
لها كما يقال في الغول والعنقاء ونحو ذلك، وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع، فقد ورد (ما من مولود يولد إلا يمسه الشيطان فيستهل صارخا)، وفي بعض الطرق (إلا طعن الشيطان في خاصرته ومن ذلك يستهل صارخا، إلا مريم وابنها لقول أمها إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)، وقوله عليه الصلاة والسلام (التقطوا صبيانكم أول العشاء فإنه وقت انتشار الشياطين). وفي حديث مكحول (أنه مر برجل نائم بعد العصر فركضه برجله وقال: لقد دفع عنك الشياطين، أو لقد عوفيت، إنها ساعة مخرجهم وفيها ينتشرون وفيها يكون الخبتة) قال شمر: كان في لسان مكحول لكنة، وإنما أراد الخبطة من الشيطان: أي إصابة مس أو جنون وقد ورد في حديث المفقود الذي اختطفته الشياطين وردته في زمنه عليه الصلاة والسلام أنه حدث عن شأنه معهم قال: فجاءني طائر كأنه جمل فتعثرني فاحتملني على خافية من خوافيه، إلى غير ذلك مما يطول الكتاب بذكره. واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع عنها، وإنما القدرية خصماء العلانية فلا جرم أنهم ينكرون كثيرا مما يزعمونه مخالفا لقواعدهم من ذلك السحر وخبطة الشيطان ومعظم أحوال الجن، وإن اعترفوا بشئ من ذلك فعلى غير الوجه الذي يعترف به أهل السنة، وينبئ عنه ظاهر الشرع في خبط طويل له، فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون.
قوله تعالى (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) قال محمود (إن قلت: لم لم يقولوا إنما الربا مثل البيع الخ) قال أحمد: وعندي وجه في الجواب عن السؤال الذي أورده غير ما ذكر، وهو أنه متى كان المطلوب التسوية بين المحلين في ثبوت الحكم فللقائل أن يسوى بينهما طردا فيقول مثلا الربا مثل البيع
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 397 398 399 400 402 404 405 406 ... » »»