الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٩٣
قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى) قال محمود (في نوابغ الكلم صنوان الخ) قال أحمد: ثم في أصل وضعها تشعر بتراخي المعطوف بها عن المعطوف عليه في الزمان وبعد ما بينهما والزمخشري يحملها على التفاوت في المراتب والتباعد بينهما حيث لا يمكنه حملها على التراخي في الزمان لسياق يأبى ذلك كهذه الآية. وحاصله أنها استعيرت من تباعد الأزمنة لتباعد المرتبة. وعندي فيها وجه آخر محتمل في هذه الآية ونحوها وهو الدلالة على دوام الفعل المعطوف بها وإرخاء الطول في استصحابه، فهي على هذا لم تخرج عن الاشعار ببعد الزمن، ولكن معناها الأصلي تراخى زمن وقوع الفعل وحدوثه، ومعناها المستعار إليه دوام وجود الفعل وتراخى زمن بقائه، وعليه حمل قوله تعالى - ثم استقاموا - أي داموا على الاستقامة دواما متراخيا ممتد الأمد وتلك الاستقامة هي المعتبرة لا ما هو منقطع إلى ضده من الحيد إلى الهوى والشهوات وكذلك قوله - ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى - أي يدومون على تناسى الاحسان وعلى ترك الاعتداد به والامتنان ليسوا بتاركيه في أزمنة إلى الاذاية وتقييد المنن سببه ثم يتوبون والله أعلم. وقريب من هذا أو مثله أن السين يصحب الفعل لتنفيس زمان وقوعه وتراخيه، ثم ورد قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه السلام - إني ذاهب إلى ربى سيهدين - وقد حكى الله تعالى
(٣٩٣)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، سبيل الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 397 398 399 ... » »»