الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٩٢
وذلك يشعر ظاهرا بأنه كان عند السؤال فاقدا للطمأنينة؟ قلت: معناه ولكن ليزول عن قلبي الفكر في كيفية الحياة، لأني إذا شاهدتها سكن قلبي عن الجولان في كيفياتها المتخيلة، وتعينت عندي بالتصوير المشاهد، وجاءت الآية مطابقة لسؤاله لأنه شاهد صورة حياة الموتى تقديره الذي يحيى ويميت، فهذا أحسن ما يجرى لي في تفسير هذه الآية وربك الفتاح العليم. وأما قول الزمخشري إن علم الاستدلال يتطرق إليه التشكيك بخلاف العلم الضروري، فكلام لم يصدر عن رأى منور ولا فكر محرر، وذلك أن العلم الموقوف على سبب لا يتصور فيه تشكيك ما دام سببه مذكورا في نفس العالم، وإنما الذي يقبل التشكيك قبولا مطلقا هو الاعتقاد وإن كان صحيحا وسببه باق في الذكر، وبهذا ينحط الاعتقاد الصحيح عن ذروة العلم، ولكن للقدماء من القدرية خبط طويل في تمييز العلم عن الاعتقاد حتى غالى أبو هاشم فقال: العلم بالشئ والجهل به مثلان، وهذا على الحقيقة جهل حتى لحقيقة الجهل، والزمخشري في قواعد العقائد يقفو آثار هذا القائل أية سلك، فلعله من ثم طرق إلى العلم النظري الشك حسب تطرقه إلى الاعتقاد الذي يكون مرة جهلا ومرة مطابقا والله الموفق.
قوله تعالى (فصرهن إليك) قال محمود (إن قلت: ما معنى أمره بضمها الخ) قال أحمد: يريد ولم يقل طيرانا لأنه إذا كانت ساعية كان أثبت لنظره عليها من أن تكون طائرة، والله أعلم.
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 397 398 ... » »»