تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٠٢
الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلل في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (33) ومآ أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوهآ إنا بمآ أرسلتم به ى كافرون (34) وقالوا نحن أكثر أموالا وأولدا وما نحن بمعذبين (35)) (الذي بين يديه) كتب الله المتقدمة، وقيل: هو يوم القيامة (1)، ومعناه: أنهم جحدوا أن يكون القرآن من قبل الله، وأن يكون للبعث والجزاء حقيقة، ثم أخبر سبحانه عن عاقبة أمرهم بأن قال: (ولو ترى) يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو: أيها السامع موقفهم في الآخرة وهم يراجعون المجادلة بينهم، لرأيت أمرا عجيبا، فحذف جواب (لو).
و (الذين استضعفوا) هم الأتباع، و (الذين استكبروا) هم الرؤساء والقادة. وقوله: (أنحن صددنكم عن الهدى) إنكار أن يكونوا هم الصادين لهم عن الإيمان، وإثبات أنهم هم الذين صدوا بأنفسهم عنه باختيارهم، كأنهم قالوا:
أنحن أجبرناكم وحلنا بينكم وبين اختياركم؟ بل أنتم آثرتم الضلال على الهدى، وأمر الشهوة على أمر النهي فكنتم مجرمين كافرين، وقوله: (بعد إذ جآءكم) أضيف (بعد) إلى (إذ) اتساعا مع كونها من الظروف اللازمة، كما أضيفت هي إلى الجملة التي هي (جآءكم) فقد اتسع في الزمان ما لم يتسع في غيره، فأضيف إليه الزمان وأضيف إلى الجمل نحو: " حينئذ " و " يومئذ "، و " جئتك أوان الحجاج أمير " و " حين خرج زيد ".
ثم كر المستضعفون على المستكبرين بقولهم: (بل مكر الليل والنهار) فأبطلوا إضرابهم بإضرابهم، كأنهم قالوا: ما كان الإجرام من جهتنا بل من جهة

(1) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 584.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»