تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٢٥
التفسير، وكذا قوله: (والجبال أرسها) ولم يدخل حرف العطف على (أخرج) لأنه فسر الدحو الذي هو التمهيد للأرض والبسط للسكنى بما لابد منه في تأتي سكناها، من: تسوية أمر المأكل والمشرب، وإمكان القرار عليها بإخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال أوتادا لها لتستقر ويستقر عليها. وأراد ب‍ (مرعها) ما يأكل الإنسان والأنعام، واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله: (نرتع ونلعب) (١)، وقرئ: " نرتع " (٢) من الرعي، ولهذا قيل: دل الله سبحانه بذكر الماء والمرعى على عامة ما يرتفق به ويتمتع مما يخرج من الأرض (٣). (متعا لكم) أي: فعل ذلك تمتيعا لكم (ولانعمكم) لأن منفعة ذلك واصلة إلى الجميع.
(الطآمة): الداهية التي تطم على الدواهي، أي: تعلو وتغلب، وفي المثل:
" جرى الوادي فطم على القري " (٤)، وهي القيامة. (يوم يتذكر) بدل من (إذا جآءت)، (ما سعى) أي: ما عمله من خير وشر إذا رآه مدونا في كتابه تذكره وكان قد نسيه، كقوله: ﴿أحصه الله ونسوه﴾ (5). (وبرزت الجحيم) أي: أظهرت إظهارا مكشوفا بينا لكل أحد.
فأما جواب قوله: (فإذا) أي: (فإذا جآءت الطآمة): فإن الأمر كذلك، والمعنى: فإن الجحيم مأواه، كما تقول للرجل: غض الطرف أي: طرفك، وليس

(١) القراءة بالنون هنا في سورة يوسف: ١٢ إنما هي قراءة أبي عمرو وابن عامر. وذكره المصنف تبعا للكشاف، وإلا فقراءة حفص عن عاصم وعامة أهل الكوفة بالياء والجزم.
راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٣٤٦.
(٢) أي: بالنون وكسر العين من: ارتعى يرتعي بمعنى: رعى، نفتعل من الرعي. وهي قراءة ابن كثير. راجع المصدر السابق: ص ٣٤٥.
(٣) قاله القتبي. راجع تفسير السمرقندي: ج ٤ ص ٤٤٥.
(٤) أي: جرى سيل الوادي فدفن القري، والقري: مجرى الماء في الروضة، والجمع: أقرية وقريان، يضرب عند تجاوز الشر حده. انظر مجمع الأمثال للميداني: ج ١ ص ١٦٦.
(٥) المجادلة: ٦.
(٧٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 720 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 ... » »»