تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٣٠
(كلا) ردع عن معاودة مثله (إنها تذكرة) أي: موعظة يجب الاتعاظ بها.
(فمن شآء ذكره) أي: كان حافظا له غير ناس، وذكر الضمير لأن " التذكرة " في معنى " الذكر ".
(في صحف) صفة ل‍ (تذكرة) يعني: أنها مثبتة في صحف منتسخة من اللوح (مكرمة) عند الله. (مرفوعة) في السماء، أو: مرفوعة المقدار (مطهرة) منزهة عن الشياطين، لا يمسها إلا (أيدي) ملائكة مطهرين (سفرة) كتبة ينتسخون الكتب من اللوح. (كرام) على ربهم (بررة) أتقياء، وقيل: هي صحف الأنبياء (١)، كقوله: ﴿إن هذا لفي الصحف الأولى﴾ (٢).
(قتل الانسن) دعاء عليه (ما أكفره) تعجب من إفراطه في كفران نعم الله عز اسمه. ثم وصف حاله منذ (٣) مبدأ حدوثه إلى منتهاه، وما هو مغمور فيه من أصول النعم وفروعها الداعية إلى الإيمان والتوحيد، الموجبة للشكر والعبادة، فقال: (من أي شىء خلقه) أي: من أي شيء حقير مهين أنشأه وابتدأه؟ ثم بين ذلك الشيء فقال: (من نطفة خلقه فقدره) فهيأه لما يصلح له ويختص به حالا بعد حال، وطورا بعد طور: نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه. (ثم السبيل يسره): نصب (السبيل) بمضمر يفسره: (يسره) ومعناه: ثم سهل سبيله وهو مخرجه من بطن أمه، أو: السبيل الذي يختار سلوكه من طريقي الخير والشر بإقداره وتمكينه، ونحوه: ﴿وهديناه النجدين﴾ (4)، وعن ابن عباس: بين له سبيل الخير والشر (5).
(فأقبره) فجعله ذا قبر يوارى فيه تكرمة له، ولم يجعله مطروحا بالعراء جزرا

(١) قاله قتادة. راجع تفسير عبد الرزاق: ج ٢ ص ٢١٦.
(٢) الأعلى: ١٨.
(٣) في بعض النسخ: " من " بدل " منذ ".
(٤) البلد: ١٠.
(5) تفسير ابن عباس: ص 502.
(٧٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 725 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 ... » »»