(ربك فتخشى) لأن الخشية لا تكون إلا بعد المعرفة: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (١) أي: العلماء به. بدأ في مخاطبته بالاستفهام الذي معناه العرض، كما يقول الرجل لضيفه: هل لك أن تنزل بنا، وأردفه الكلام الرقيق ليستدعيه بالتلطف ويستنزله بالمداراة من عتوه، كما أمر بذلك في قوله: ﴿فقولا له قولا لينا﴾ (٢).
و (الآية الكبرى) قلب العصا حية لأنها كانت الأصل، و " الآية الأخرى " (٣) كالتبع لها، أو: أراد العصا واليد البيضاء وجعلهما واحدة، لأن الثانية كأنها من الأولى لكونها تابعة لها. (فكذب) بموسى والآية، وسماهما: ساحرا وسحرا (وعصى) الله. (ثم أدبر) لما رأى الثعبان مرعوبا (يسعى) في مشيته، أو: أدبر وتولى عن موسى يسعى ويجتهد في كيده. (فحشر) فجمع السحرة (فنادى) في المقام الذي اجتمعوا فيه معه، أو: أمر مناديا ينادي في الناس بذلك.
(نكال الاخرة والاولى) مصدر مؤكد، ك (وعد الله) (٤)، و ﴿صبغة الله﴾ (٥)، كأنه قال: نكل الله به نكال الآخرة والأولى، والنكال بمعنى التنكيل، كالسلام والكلام، يعني: الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة، وعن ابن عباس:
نكال كلمتيه: كلمته الأولى: ﴿ما علمت لكم من إله غيرى﴾ (6)، والأخيرة:
(أنا ربكم الأعلى) (7)، وكان بين الكلمتين أربعون سنة، وقيل: عشرون (8).