تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٦٤
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها (1).
وسئلت عائشة عن قراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالت: لا كسردكم هذا، لو أراد السامع أن يعد حروفه لعدها (2).
وقوله: (ترتيلا) تأكيد في إيجاب الأمر، وأنه مما لابد منه للقارئ.
(إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا) هذه الآية اعتراض، وعنى بالقول الثقيل القرآن وما فيه من الأوامر والتكاليف الشاقة الصعبة. وأما ثقلها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته، فهي أبهظ له لما يلحقه خاصة من الأذى فيه.
وأراد بهذا الاعتراض: أن ما كلفه من القيام بالليل من جملة التكاليف الثقيلة، من حيث إن الليل وقت الراحة والهدوء، فلابد لمن أحياه من مجاهدة لنفسه، وقيل:
قولا ثقيلا في الميزان يوم القيامة، عظيم الشأن عند الله، له وزن ورجحان (3)، وقيل: قولا ثقيلا نزوله (4)، لأنه (عليه السلام) كان إذا نزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليرفض عرقا، وإن كان ليوحى له وهو على راحلته فيضرب بجرانها.
(ناشئة الليل) هي النفس الناشئة بالليل، التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي: تنهض وترتفع، من: نشأت السحابة: إذا ارتفعت، أو: قيام الليل على أن (ناشئة) مصدر من: نشأ إذا قام ونهض، ويدل عليه ما روي عن عبيد بن عمير قال: قلت لعائشة: رجل قام من أول الليل، أتقولين له: قام ناشئة الليل؟ قالت: لا،

(1) رواه البيهقي في السنن: ج 2 ص 53 بإسناده عن عبد الله بن عمرو.
(2) حكاه عنها الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 637.
(3) قاله ابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 281.
(4) قاله عروة بن الزبير وعائشة. راجع تفسير الماوردي: ج 6 ص 126.
(٦٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 658 659 661 662 663 664 665 666 667 668 669 ... » »»