تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٥٨
قالوه لقومهم حين رجعوا إليهم يحكون ما رأوا من صلاته وازدحام أصحابه عليه في ائتمامهم به.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للذين تظاهروا عليه: (إنمآ ادعوا ربى) يريد: ما أتيتكم بأمر منكر، إنما أعبد ربي وحده (ولا أشرك به أحدا) وليس ذلك بموجب مظاهرتكم على شقاقي وعداوتي، أو: قال للجن عند ازدحامهم متعجبين: ليس ما ترونه من عبادتي لله وحده بأمر يتعجب منه، أو: قال الجن لقومهم ذلك حكاية عن رسول الله.
(قل) يا محمد (إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) أي: نفعا، لا أستطيع أن أضركم وأن أنفعكم، وإنما الضار والنافع هو الله، أو: أراد بالضر الغي أي: لا أستطيع أن أجبركم على الغي والرشد، وإنما يقدر الله على ذلك. و (إلا بلغا) استثناء منه، أي: لا أملك إلا بلاغا من الله. و (قل إنى لن يجيرنى) إلى قوله: (ملتحدا) جملة اعتراضية، اعترض بها لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه، على معنى:
أن الله سبحانه إن أراد به سوءا من مرض أو موت أو غيرهما لم يصح أن يجيره منه أحد، أو: يجد من دونه ملاذا يأوي إليه، والملتحد: الملتجأ. وقيل: (بلغا) بدل من (ملتحدا) أي: لم أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أنزله إلي فأقول: قال الله كذا، وأبلغ رسالته من غير زيادة ونقصان (١). و (من) ليست بصلة للتبليغ وإنما هو بمنزلة (من) في قوله: ﴿برآءة من الله﴾ (2) والتقدير: بلاغا كائنا من الله (خلدين) محمول على معنى " من "، وتعلق (حتى) بقوله: (يكونون عليه لبدا)، على: أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة، ويستضعفون أنصاره، ويستقلون

(١) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج ٥ ص ٢٣٧.
(٢) التوبة: ١.
(٦٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 653 654 655 656 657 658 659 661 662 663 664 ... » »»