تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٤٦
وهو في السماء الدنيا لأن بين السماوات ملابسة من حيث إنها طباق، واحدة فوق الأخرى كالقباب، فجاز أن يقال: فيهن كذا، كما يقال: في المدينة كذا، وهو في بعض نواحيها (وجعل الشمس سراجا) يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت في ضوء السراج ما يحتاجون إلى إبصاره، والقمر ليس كذلك إنما هو نور لم يبلغ قوة ضياء الشمس.
(والله أنبتكم) استعار الإنبات للإنشاء كما يقال: زرعك الله للخير، والمعنى:
أنبتكم فنبتم نباتا، أو: نصب (أنبتكم) لتضمنه معنى " نبتم ". (ثم يعيدكم فيها) أمواتا مقبورين (ويخرجكم) منها عند البعث، وأكده بالمصدر كأنه قال:
يخرجكم لا محالة. (والله جعل لكم الأرض بساطا) مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه، والفجاج: الطرق الواسعة المنفجة.
جعل أموالهم وأولادهم التي لم تزدهم في الدنيا إلا وجاهة زائدة (خسارا) في الآخرة، وجعل ذلك سمة يعرفون بها، وصفة لازمة لهم، أي: اتبعوا رؤوسهم المقدمين أصحاب الأموال وتركوا اتباعي، وقرئ: (وولده)، " وولده " (1).
(ومكروا) معطوف على (لم يزده) وجمع الضمير الراجع إلى (من) على المعنى، والماكرون هم الرؤساء، ومكرهم: كيدهم لنوح (عليه السلام)، وصد الناس عن الاستماع منه، وقولهم لهم: (لا تذرن ءالهتكم)، (مكرا كبارا) قرئ بالتخفيف (2) والتثقيل. والكبار: أكبر من الكبير، والكبار بالتشديد: أكبر من الكبار.

(١) قرأه ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع برواية خارجة عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٥٢.
(٢) يعني " كبارا " من غير تشديد، وقد قرأه عيسى وأبو السمال وابن محيصن، غير أن الأخير كسر الكاف. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 162.
(٦٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 641 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 ... » »»