تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦١٨
هذا الحكم الباطل، كأن أمر الجزاء مفوض إليكم حتى تحكموا فيه بما شئتم.
(أم لكم كتب) من السماء تدرسون (فيه) أن ما تختارونه لكم. والأصل:
تدرسون أن لكم ما تخيرون، بفتح " أن " لأنه مدروس، فلما جاءت اللام كسرت " إن "، ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو قوله: ﴿وتركنا عليه في الاخرين سلم على نوح في العلمين﴾ (1)، وتخير الشيء: أخذ خيره، ومثله: اختاره، نحو:
تنخله وانتخله: أخذ منخوله.
(أم لكم أيمن) مغلظة متناهية في التوكيد ثابتة (علينا... إلى يوم القيمة) لا تخرج عن عهدتها إلى يوم القيامة، إذا أعطيناكم ما تحكمون، ويجوز أن يتعلق (إلى) ب‍ (بلغة) على معنى: أنها تبلغ ذلكم اليوم وتنتهي إليه، وافرة لم تبطل منها يمين إلى أن يحصل المقسم عليه، وهو قوله: (إن لكم لما تحكمون).
(سلهم أيهم بذلك) الحكم (زعيم) أي: كفيل، وهو: أن لهم في الآخرة ما للمسلمين. (أم لهم شركآء) في هذا القول يشاركونهم فيه، ويوافقونهم عليه (فليأتوا) بهم (إن كانوا صدقين) في دعواهم، يريد: أن أحدا لا يسلم لهم هذا، كما أنه لا كتاب لهم ينطق به، ولا عهد لهم به عند الله، ولا زعيم لهم يقوم به.
(يوم يكشف عن ساق) هو عبارة عن شدة الأمر، وأصله في الحرب (2) والهزيمة بتشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب، قال:
كشفت لكم عن ساقها * وبدا من الشر الصراخ (3) والمعنى: يوم يشتد الأمر ويتفاقم، ولا ساق ثم ولا كشف وإنما هو مثل،

(١) الصافات: ٧٨ و ٧٩.
(٢) في الكشاف: " الروع ".
(٣) في نسخة: " الصراع " بدل " الصراخ ". والبيت لسعد بن مالك جد طرفة بن العبد الشاعر الشهير. أنظر معاني القرآن للفراء: ج 3 ص 177 وفيه: " لهم " بدل " لكم "، و " البراح " بدل " الصراخ ".
(٦١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 623 ... » »»