تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٢٣
مكة وتخويفا لهم من أن يصيبهم مثل ما أصابهم (بالطاغية) بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة، وهي الرجفة، أو الصيحة، أو الصاعقة، وقيل: " الطاغية " مصدر (1) أي: بطغيانهم. والصرصر: الشديدة الصوت لها صرصر، وقيل: الباردة من: " الصر " كأنها التي كرر فيها البرد وكثر، فهي تحرق لشدة بردها (2) (عاتية) عتت على خزانها فخرجت بلا كيل ولا وزن، أو: عتت على عاد بشدة عصفها فلم يقدروا على التوقي منها.
(سخرها عليهم) سلطها عليهم (سبع ليال وثمنية أيام) وهي أيام العجوز، وذلك أن عجوزا من عاد دخلت سربا فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها، وقيل: سميت أيام العجوز لأنها في عجز الشتاء وهو آخره (3) (حسوما) مصدر أو: جمع " حاسم "، فإن كان مصدرا فهو صفة، أي: ذات حسوم، أو: منصوب بفعله المضمر أي: تحسم حسوما بمعنى: تستأصل استئصالا، وإن كان جمعا فالمعنى:
متتابعة ليست لها فترة أو: نحسات حسمت كل خير، حال من الضمير في (سخرها)، والأول تشبيه بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء حتى ينحسم (فترى القوم فيها) أي: في مهابها، أو: في الليالي والأيام (كأنهم أعجاز) أصول (نخل خاوية) نخرة خالية الأجواف. (فهل ترى لهم من باقية) من بقية، أو: من نفس باقية، أو: من بقاء مصدر كالعافية، وقد قرئ بإدغام اللام في التاء (4).

(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن: ج ٢ ص ٢٦٧، والزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 213.
(2) قاله ابن عباس وقتادة والضحاك. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 207 - 208.
(3) قاله البيضاوي الشافعي في تفسيره: ج 2 ص 499.
(4) وهي قراءة أبي عمرو وحده، وهو المعروف مذهبه في الادغام. راجع التذكرة في القراءات: ج 1 ص 233.
(٦٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 ... » »»