تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦١٦
وغدوا قادرين على نكد وذهاب خير عاجزين عن النفع، أو: لما قالوا: اغدوا على حرثكم وقد فسدت نيتهم عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها، فلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد. و (قدرين) من عكس الكلام للتهكم، أي: قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين، و (على حرد) ليس بصلة للقادرين، وقيل: (على حرد) على قصد إلى جنتهم بسرعة ونشاط (قدرين) عند أنفسهم يقولون: نحن نقدر على صرامها (1)، أو: مقدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان.
(فلما) رأوا جنتهم على تلك الصفة (قالوا) في بديهة وصولهم (إنا لضآلون) ضللنا جنتنا وما هي بها، فلما تأملوا عرفوا أنها هي. قالوا: (بل نحن محرومون) حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا. (قال أوسطهم) أعدلهم وخيرهم، يقال: هو من وسط قومه (لولا تسبحون) هلا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم؟ (قالوا سبحن ربنا إنا كنا ظلمين) تكلموا بما دعاهم إلى التكلم به، نزهوا الله سبحانه عن الظلم وعن كل قبيح، ثم اعترفوا بظلمهم في منع المعروف وترك الاستثناء.
(يتلومون) أي: يلوم بعضهم بعضا على ما فرط منهم. (إنا كنا طغين) متجاوزين الحد في الظلم. (أن يبدلنا) قرئ بالتشديد (2) والتخفيف (إنآ إلى ربنا رغبون) طالبون منه الخير. مثل ذلك (العذاب) الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا (ولعذاب الاخرة) أشد وأعظم منه.
وعن مجاهد: تابوا فأبدلوا خيرا منها (3). وعن ابن مسعود: بلغني أنهم

(1) قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 191.
(2) وهي قراءة نافع وأبي عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 397.
(3) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 592.
(٦١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 621 ... » »»