تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٩
على الضمير في (ويعلمهم) أي: ويعلمهم ويعلم آخرين، لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان وكان كله مستندا إلى أوله فكأنه (عليه السلام) تولى كل ما وجد منه (وهو العزيز الحكيم) في تمكينه رجلا أميا من هذا الأمر العظيم، واختياره إياه من بين سائر الخلق.
(ذلك) الفضل الذي أعطاه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو النبوة لكافة خلق الأولين والآخرين إلى يوم القيامة هو (فضل الله يؤتيه) يعطيه (من يشآء) إعطاءه وتقتضيه حكمته (والله ذو الفضل العظيم) على خلقه ببعثه.
و (مثل الذين حملوا التورة) وهم اليهود الذين قرؤوها وحفظوها (ثم لم يحملوها) بكونهم غير عاملين (1) بها، ولا منتفعين بآياتها، لأن فيها صفة نبينا ونعته والبشارة به ولم يؤمنوا به (كمثل الحمار يحمل أسفارا) أي: كتبا كبارا من كتب العلم، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكد، وكذا كل من علم علما ولم يعمل بموجبه فهذا مثله، و (بئس) مثلا (مثل القوم الذين كذبوا بيت الله) وهم اليهود كذبوا بالتوراة، أو: بالقرآن، أو: بآيات الله الدالة على نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومعنى قوله: (حملوا التورة): كلفوا علمها والعمل بها (ثم لم يحملوها) ثم لم يعملوا بها، فكأنهم لم يحملوها. وقوله: (يحمل أسفارا) في محل نصب على الحال، أو: جر وصفا ل‍ (الحمار) لأنه مثل " اللئيم " (2) في قول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني (3)

(1) في نسخة: " عالمين ".
(2) يريد: أن المراد فيها الجنس، فتعريفه وتنكيره سواء، فجاز وصفه بالجملة وإن كانت لا يوصف بها إلا النكرة.
(3) وعجزه: فمضيت ثمة قلت لا يعنيني. لرجل من بني سلول وقيل: لشمر بن عمرو الحنفي.
وقد تقدم شرح البيت في ج 1 ص 58.
(٥٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 ... » »»