تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٨
ضلل مبين (2) وءاخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذا لك فضل الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم (4) مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بايت الله والله لا يهدى القوم الظلمين (5)) في قوله: (سبح) تارة، و (يسبح) أخرى إشارة إلى دوام تنزيهه عز اسمه في الماضي والمستقبل. والأميون هم العرب، لأنهم كانوا لا يكتبون ولا يقرؤون من بين الأمم، وقيل: بدئت الكتابة بالطائف، أخذوها من أهل الحيرة (1). والمعنى:
أنه بعث في قوم أميين رجلا أميا (منهم) أي: من أنفسهم، يعلمون نسبه وأحواله (يتلوا) يقرأ (عليهم ءايته) مع كونه أميا مثلهم، لم يعهد منه قراءة ولم يعرف بتعلم، وقراءة أمي أخبار القرون الماضية بغير تعلم على وفق ما في الكتب آية معجزة (ويزكيهم) ويطهرهم من الشرك وأدناس الجاهلية (ويعلمهم الكتب والحكمة) القرآن والشرائع (وإن كانوا) هي " إن " المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، أي: كانوا (في ضلل) لا ضلال أعظم منه.
(وءاخرين) عطف على (الأميين) أي: بعثه في الأميين الذين على عهده (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي آخرين لم (يلحقوا بهم) بعد وسيلحقون بهم.
وروي: أنه لما قرأ هذه الآية قيل له: من هؤلاء؟ فوضع يده على كتف سلمان فقال: " لو كان الإيمان في الثريا لناله رجال من هؤلاء " (2).
وقيل: هم الذين يأتون بعده إلى يوم القيمة (3). ويجوز أن يكون نصبا عطفا

(١) حكاه الزجاج في معاني القرآن: ج ٤ ص ١٦٩ وزاد: وذكر أهل الحيرة أنهم تعلموا الكتابة من أهل الأنبار.
(٢) رواه مسلم في الصحيح: ج ٤ ص ١٩٧٢ ح ٢٥٤٦ وما بعده عن أبي هريرة.
(٣) قاله ابن زيد ومجاهد. راجع التبيان: ج ١٠ ص ٤.
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»