تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٣
سبيله) دليل على أن المقت تعلق بقول الذين وعدوا الثبات في القتال فلم يفوا.
(صفا) صافين أنفسهم، أو: مصفوفين كأنهم في تراصهم من غير فرجة (بنين) رص بعضهم إلى بعض ورصف، وقيل: إنه يدل على فضل القتال راجلا، لأن الرجالة يصطفون على هذه الصفة (١). وقوله: (صفا كأنهم بنين مرصوص) حالان متداخلتان.
(وإذ قال) ظرف لأذكر (تؤذوننى) آذوه بأنواع الأذى، من قولهم: ﴿اذهب أنت وربك﴾ (٢)، ﴿اجعل لنا إلها﴾ (3)، وطلبهم رؤية الله جهرة، وعبادتهم العجل وغير ذلك (وقد تعلمون) في موضع الحال، أي: تؤذونني عالمين (أنى رسول الله) وقضية علمكم بنبوتي ورسالتي تعظيمي وتوقيري لا إيذائي، (فلما زاغوا) عن الحق (أزاغ الله قلوبهم) بأن منعهم ألطافه (والله لا يهدى القوم الفسقين) لا يلطف بهم لأنهم ليسوا من أهل اللطف، أو: لا يهديهم إلى الجنة التي وعدها المؤمنين.
(مصدقا لما بين يدى) أي: أرسلت إليكم في حال تصديقي لما تقدمني من التوراة، وفي حال تبشيري (برسول يأتى من بعدى) وقرئ بسكون الياء وفتحها (4)، وسيبويه والخليل يختاران الفتح (5).
وعن كعب: أن الحواريين قالوا لعيسى: يا روح الله، هل بعدنا من أمة؟ قال:
نعم، أمة أحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، حكماء علماء أتقياء، كأنهم من الفقه أنبياء، يرضون من الله

(١) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٥٢٣.
(٢) المائدة: ٢٤.
(٣) الأعراف: ١٣٨.
(4) وبفتح الياء في " بعدي " قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 635.
(5) حكاه عنهما الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 525.
(٥٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 547 548 549 551 552 553 554 555 556 557 558 ... » »»