تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٦
بخلقهن بقدر على أن يحىى الموتى بلى إنه على كل شىء قدير (33) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (34) فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلغ فهل يهلك إلا القوم الفسقون (35)) (صرفنا إليك نفرا من الجن) أي: أملناهم إليك من بلادهم بالتوفيق والألطاف حتى أتوك، والنفر: دون العشرة، وجمعه: أنفار. وعن ابن عباس:
صرفناهم إليك عن استراق سمع السماء برجوم الشهب فقالوا: ما هذا الذي حدث في السماء إلا لأجل شيء حدث في الأرض، فضربوا في الأرض حتى وقفوا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببطن نخلة عامدا إلى عكاظ وهو يصلي الفجر، فاستمعوا القرآن ونظروا كيف يصلي (1). والضمير في (حضروه) للقرآن أو لرسول الله (قالوا) أي: قال بعضهم لبعض: (أنصتوا) أي: اسكتوا مستمعين (فلما قضى) أي: فرغ من التلاوة (ولوا) انصرفوا (إلى قومهم منذرين) يخوفونهم من عذاب الله إن لم يؤمنوا.
قالوا: (من بعد موسى) لأنهم كانوا على اليهودية (أجيبوا داعى الله) محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، دعاهم إلى توحيده (وءامنوا به) الهاء ل‍ " الله "، فجاءوا إلى رسول الله وآمنوا وعلمهم شرائع الإسلام، وأنزل الله سبحانه سورة الجن، وكانوا يفدون إليه في كل وقت وفيه دلالة على أنه كان مبعوثا إلى الجن والإنس. (فليس بمعجز في الأرض) أي: لا ينجي منه مهرب ولا يسبقه سابق (وليس له من دونه أوليآء) أي: أنصار يدفعون عنه عذاب الله إذا نزل بهم.

(1) أخرجه عنه الترمذي في السنن: ج 5 ص 426 ح 3323.
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 359 360 361 362 ... » »»