(ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون) معنى الفتنة: أنه أمهلهم ووسع عليهم الرزق، وكان ذلك سببا لانهماكهم في المعاصي، وابتلاهم بإرسال موسى إليهم ليؤمنوا، فاختاروا الكفر على الإيمان (وجآءهم رسول كريم) على الله، أو: كريم الأخلاق والأفعال. (أن أدوا) هي " أن " المفسرة، لأنه لا يجيء الرسول قومه إلا مبشرا ونذيرا، فيتضمن معنى القول، وهي مخففة من الثقيلة أي: جاءهم بأن الشأن والحديث أدوا إلي، و (عباد الله) مفعول به وهم بنو إسرائيل، أي: أدوهم إلي وأرسلوهم معي، أو: أدوا إلي يا عباد الله ما يجب عليكم من الإيمان بي وقبول دعوتي، وعلل ذلك بأنه (رسول أمين) قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته. (وأن لا تعلوا): " أن " هذه مثل الأولى، أي: لا تستكبروا على الله بالاستهانة برسوله ووحيه.
وقرئ: " عت " بالإدغام (1) ومعناه: أنه عائذ بربه، معتصم به من كيدهم، فلا يكترث بتهددهم بالقتل والرجم. (فاعتزلون) يريد: (إن لم تؤمنوا بى) فتنحوا عني واقطعوا أسباب الوصلة بيني وبينكم، أو: فخلوني كفافا لا علي ولا لي، ولا تتعرضوا لي بشرككم وأذاكم، فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه صلاحكم وفلاحكم ذلك.
(فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون (22) فأسر بعبادى ليلا إنكم متبعون (23) واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون (24) كم تركوا من جنت وعيون (25) وزروع ومقام كريم (26) ونعمة كانوا فيها فكهين (27) كذا لك وأورثنها قوما ءاخرين (28) فما بكت عليهم