تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤
آثارهم: أبنيتهم العظيمة التي بنوها، وقصورهم ومصانعهم، وقيل: مشيهم بأرجلهم لعظم أجرامهم (١) (فما أغنى): " ما " نافية أو استفهامية في محل نصب و " ما " الثانية مصدرية أو موصولة في محل رفع معناه: أي شيء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم.
(فرحوا بما عندهم من العلم) قيل فيه وجوه: أحدها: أنه ورد على طريق التهكم، كما في قوله: ﴿بل ادارك علمهم في الآخرة﴾ (2) وعلمهم في الآخرة أنهم كانوا يقولون: لا نبعث، وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به علم الأنبياء (3). والآخر:
أن المراد علم الفلاسفة كانوا يصغرون علم الأنبياء إلى علمهم (4).
وعن سقراط أنه قيل: ائت موسى (عليه السلام) وكان في زمانه، فقال: نحن قوم مهذبون، فلا حاجة بنا إلى من يهدينا (5).

(١) قاله مجاهد. راجع تفسير الطبري: ج ١١ ص ٨١.
(٢) النمل: ٦٦.
(3) وهو قول مجاهد. راجع تفسير الطبري السابق: ص 82.
(4) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 182.
(5) في هامش النسخة المطبوعة كلام للمعلق، يقول: " نقل العلامة المصنف رحمه الله هذه القصة تبعا للعلامة الزمخشري في الكشاف، ونقلها منهما مع تبحرهما وكونهما من أهل البحث والتحقيق في غاية الغرابة: فإن سقراط توفي قبل ميلاد المسيح (عليه السلام) بأربعمائة سنة، وله ثمانون سنة أو أزيد، وكان موسى (عليه السلام) قبل سقراط بأزيد من ألف عام، فإن بين زمان موسى (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) الف وستمائة سنة على ما في تفسير الشيخ الثقة علي بن إبراهيم رحمه الله أو كان أزيد منها على ما في بعض كتب التواريخ، فأين سقراط - وهو الحكيم الإلهي الذي كان يدعو قومه إلى التوحيد مع جهاده ونضاله الدائم طيلة حياته مع عبدة الأوثان حتى سقوه سما - من زمان موسى (عليه السلام)؟! وما ذكرناه غير خفي على الباحث المنقب، فلاحظ التواريخ والتفاسير وكتب الحديث حتى تجد صدق ما قلناه، ولا تغتر بجلالة المصنف وصاحب الكشاف، وترحم بما يقال قديما: (كم ترك الأول للآخر). وذكر في بعض الكتب مثل هذه القصة الواهية في حق أفلاطون الإلهي أو جالينوس مع عيسى (عليه السلام) ".
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 257 258 259 260 ... » »»