تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٠
لو شآء ربنا لأنزل ملئكة فإنا بمآ أرسلتم به ى كفرون (14) فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بايتنا يجحدون (15)) (أئنكم لتكفرون) استفهام تعجب، أي: كيف تستجيزون أن تكفروا بمن (خلق الارض) مقدار (يومين وتجعلون له أندادا) أمثالا وأشباها تعبدونهم (ذلك) الذي قدر على الخلق (رب العلمين) ومالك التصرف فيهم.
(وجعل فيها) أي: في الأرض جبالا (رواسي) أي: ثوابت (من فوقها) جعلها فوق الأرض لتكون منافعها حاصلة لمن طلبها (وبرك فيها) وأكثر خيرها (وقدر فيهآ أقوتها) أي: أرزاق أهلها ومنافعهم ومعائشهم (في) تتمة (أربعة أيام) من حين ابتداء الخلق، كأنه قال: كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان، وقرئ: (سوآء) بالحركات الثلاث (1)، فالجر على الوصف ل‍ (أيام)، والنصب على " استوت سواء " أي: استواء، والرفع على " هي سواء "، وتعلق قوله: (للسآئلين) بمحذوف فكأنه قال: هذا الحصر لأجل من سأل في كم خلقت الأرض وما فيها، أو: يقدر أي: قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين.
(ثم استوى إلى السمآء) من قولك: استوى إلى مكان كذا: إذا توجه إليه توجها لا يلوي على شيء، وهو من الاستواء الذي هو ضد الاعوجاج، ونحوه قولهم: استقام إليه وامتد إليه، ومنه قوله: (فاستقيموا إليه) (2) والمعنى: ثم دعاه

(١) قرأ زيد بن علي (عليه السلام) والحسن وابن أبي إسحاق ويعقوب بالجر، وأبو جعفر بالرفع، والباقون بالنصب. راجع التبيان: ج ٩ ص ١٠٦، والبحر المحيط: ج 7 ص 476.
(2) الآية: 6.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»