تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٥١
وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحى العظم وهى رميم (78) قل يحييها الذي أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم (79) الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذ آ أنتم منه توقدون (80) أوليس الذي خلق السموات والأرض بقدر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلق العليم (81) إنمآ أمره إذ آ أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (82) فسبحن الذي بيده ى ملكوت كل شىء وإليه ترجعون (83)) روي: أن أبي بن خلف والعاص بن وائل جاءا بعظم بال متفتت، وقالا: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟! فقال: نعم، فنزلت (1).
قبح الله سبحانه إنكارهم البعث تقبيحا عجيبا، حيث قرره بأن خلقهم من النطفة التي هي أخس شيء، ثم عجب من حالهم بأن يتصدوا مع مهانة مبدئهم لمخاصمة الجبار ويقولوا: من يقدر على إحياء الميت بعدما رمت عظامه؟ ثم يكون خصامه في ألزم وصف له، وهو كونه منشأ من موات وهو ينكر الإنشاء من الموات!! فهذه مكابرة لا مطمح وراءها، وقيل: معناه: (فإذا هو) بعد ما كان ماء مهينا رجل مميز منطيق قادر على هذا الخصام، معرب عما في نفسه فصيح (2).
وسمي قوله: (من يحى العظم وهى رميم) مثلا لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل، وهي إنكار قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، أو: لما فيه من التشبيه؛ لأن ما أنكر من قبيل ما يوصف الله بالقدرة عليه بدليل النشأة الأولى.
فإذا قيل: من يحيي العظام وهي رميم على طريق (3) الإنكار لأن يكون ذلك مما

(١) رواه الواحدي في أسباب النزول: ص ٣٠٨ ح ٧٥٨ و ٧٥٩.
(٢) قاله الشيخ الطوسي في التبيان: ج ٨ ص ٤٧٧.
(3) في بعض النسخ: " سبيل الإنكار ".
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 155 156 157 ... » »»