والحسن قبيحا، وإذا خذله الله فمن حق الرسول صلوات الله عليه أن لا يهتم بأمره ولا يتحسر. وعن الزجاج: أن المعنى: أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة؟ فحذف لدلالة (فلا تذهب نفسك) عليه، أو: أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله؟ فحذف لدلالة (فإن الله يضل من يشآء ويهدى من يشآء) عليه (1).
و (حسرت) مفعول له، أي: ولا تهلك نفسك للحسرات، و (عليهم) صلة (تذهب) كما تقول: هلك عليه حبا، ويجوز أن يكون حالا، كأن كلها صارت حسرات لفرط التحسر.
(فتثير سحابا) أي: تهيجه، وجاء على لفظ المضارع دون ما قبله وما بعده لتحكي الحال التي تقع فيها إثارة السحاب، وتستحضر تلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة الربانية، وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها لما كان من الدلائل على القدرة، قال: (فسقناه... فأحيينا) معدولا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص، والكاف في (كذلك) في محل الرفع، أي: مثل إحياء الموات نشور الأموات.
تقديره: من يريد العزة فليطلبها عند الله، فوضع قوله: (فلله العزة جميعا) موضعه استغناء به عنه؛ لدلالته عليه، فإن الشيء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه، ومعناه: العزة كلها مختصة بالله: عزة الدنيا وعزة الآخرة، فمن أراد العزة فليتعزز بطاعة الله.
ويدل عليه ما رواه أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إن ربكم يقول كل يوم: أنا العزيز، فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز " (2).