تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٣
وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه * أداهم سودا أو محدرجة سمرا (1) وضع القيود والسياط موضع العطاء، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صلاته يخلطون عليه * (فذوقوا) * عذاب القتل والأسر يوم بدر بسبب كفركم.
* (ينفقون أموا لهم) * نزلت في المطعمين يوم بدر، كان كل يوم يطعم واحد منهم عشر جزر، وقيل: إنهم قالوا لكل من كانت له تجارة في العير: أعينوا بهذا المال على حرب محمد - (صلى الله عليه وآله) - لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر (2) * (ليصدوا عن سبيل الله) * أي: كان غرضهم في الإنفاق الصد عن اتباع محمد (صلى الله عليه وآله) وهو سبيل الله * (ثم تكون عليهم حسرة) * ثم تكون عاقبة إنفاقها حسرة * (ثم يغلبون) * آخر الأمر يغلبهم المؤمنون، والكافرون * (إلى جهنم يحشرون) *.
* (ليميز الله) * الفريق الخبيث من الفريق الطيب * (ويجعل الخبيث بعضه) * فوق * (بعض) * في جهنم يضيقها عليهم * (فيركمه) * عبارة عن الجمع والضم حتى يتراكموا، كقوله: * (كادوا يكونون عليه لبدا) * (3)، وقيل: نفقة الكافر من نفقة المؤمن، ويجعل نفقة الكافر بعضها * (على بعض) * فوق بعض * (فيركمه) * ويجمعه

(١) البيت للفرزدق، وروي: فلما خشيت أن يكون عطاؤه...، وأخرى: أخاف زيادا أن يكون عطاؤه...، وهي من قصيدة يذم بها زيادا بعدما فر منه، إذ أراد زياد أن يختدعه ليقع في يديه فأشاع أنه لو أتاه لحباه وأكرمه، فبلغ ذلك الفرزدق فانطلق ينشأ هذه القصيدة، يقول: ما كنت أظن أن يكون عطاء زياد قيودا سودا تلسع كما تلسع الحية السوداء أو سياطا مفتولة سمراء يجلدني بها. انظر ديوان الفرزدق: ج ١ ص ٣٢٠.
(٢) قاله محمد بن مسلم ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن. راجع تفسير الطبري: ج ٦ ص ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٣) الجن: ١٩.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»