تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٤
وكل واحدة من المكسورة والمفتوحة تعليل، إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف والمفتوحة تعليل صريح، والمعنى: لا تحسبن (1) يا محمد - (صلى الله عليه وآله) - الكافرين قد فاتوك فإن الله يظفرك بهم ويظهرك عليهم، وفي الشواذ قراءة ابن محيصن (2): " لا يعجزون " بكسر النون (3)، وقرئ: * (ولا يحسبن) * بالياء على أن الفعل ل‍ * (الذين كفروا) * كأنه قيل: لا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، فحذفت " أن "، كقوله: * (ومن آياته يريكم البرق) * (4) أو على أن المعنى: ولا يحسبنهم الذين كفروا سبقوا.
والقوة: كل ما يتقوى به في الحرب من العدد، والرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصال جمع فصيل * (ترهبون) * قرئ بالتخفيف والتشديد (5)، يقال: أرهبته ورهبته، أي: تخيفون بما تعدونه * (عدو الله وعدوكم) * يعني أهل مكة * (وآخرين) * أي: وترهبون كفارا آخرين * (من) * دون هؤلاء * (لا تعلمونهم) * لأنهم يصلون ويصومون ويقولون: لا إله إلا الله، محمد - (صلى الله عليه وآله) - رسول الله * (الله يعلمهم) * لأنه المطلع على الأسرار * (وما تنفقوا من شئ) * في الجهاد يوفر عليكم ثوابه * (وأنتم لا تظلمون) * لا تنقصون شيئا منه.
* (وإن جنحوا) * جنح له وإليه: مال، و " السلم " بفتح السين وكسرها: الصلح،

(١) حيث إن القراءة المعتمدة لدى المصنف بالتاء كما هو ظاهر.
(٢) هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المكي المقرئ، روى عنه عدة منهم مسلم، وقراءاته من شواذ القراءات، توفي سنة ١٢٣ ه‍ بمكة. راجع طبقات القراء للجزري: ج ٢ ص ١٦٧ رقم ٣١١٨.
(٣) شواذ القرآن لابن خالويه: ص ٥٥.
(٤) الروم: ٢٤.
(٥) بالتشديد قرأه الحسن وورش. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 194. والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 435.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»