الحماية دونها تضاعف حميتهم وتحملهم على أن يبرحوا مواطنهم ويبذلوا نهاية نجدتهم، وفيه تصوير ما دبره عز اسمه من أمر وقعة بدر * (ليقضى الله أمرا كان مفعولا) * من إعزاز دينه وإعلاء كلمته * (ولو تواعدتم) * أنتم وأهل مكة وتواضعتم بينكم على موعد تلتقون فيه للقتال لخالف بعضكم بعضا، فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من الرعب، فلم يتفق لكم من اللقاء ما وفقه الله * (ليقضى) * متعلق بمحذوف، أي: ليقضي أمرا كان واجبا أن يفعل دبر ذلك، وقوله: * (ليهلك) * بدل منه، واستعير الهلاك والحياة للكفر والإسلام، أي:
ليصدر كفر من كفر عن وضوح بينة وقيام حجة عليه، ويصدر إسلام من أسلم عن يقين وعلم بأنه الدين الحق الذي يجب التمسك به * (لسميع عليم) * يعلم كيف يدبر أموركم.
* (إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أربكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الامر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور (43) وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور (44)) * * (إذ) * نصب بإضمار " أذكر "، أو هو بدل ثان من * (يوم الفرقان) *، أو متعلق بقوله: * (لسميع عليم) * أي: يعلم المصالح إذ يقللهم في عينك * (في منامك) * أي:
في رؤياك، وذلك أن الله سبحانه أراهم إياه في رؤياه قليلا، فأخبر بذلك أصحابه فكان (1) تشجيعا لهم عليهم، وعن الحسن: * (في منامك) * في عينك لأنها مكان النوم (2)، والفشل: الجبن، أي: لجبنتم وهبتم الاقدام، ولتنازعتم في الرأي وتفرقت كلمتكم فيما تصنعون * (ولكن الله سلم) * أي: أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع