تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٧٢
يعدوهم إلى غيرهم، ومن قرأ: " يخادعون " (1) أتى به على لفظ يفاعلون للمبالغة.
والنفس: ذات الشئ وحقيقته، ثم قيل للقلب: نفس، لأن النفس به نفس (2)، قالوا: المرء بأصغريه، أي بقلبه ولسانه. وقيل أيضا للروح: نفس، وللدم: نفس، لأن قوامها بالدم، وللماء: نفس لفرط حاجتها إليه، ونفس الرجل أي: عين، وحقيقته:
أصيبت نفسه، كما قيل: صدر الرجل وفئد، وقالوا: فلان يؤامر نفسه، إذا تردد في الأمر واتجه له رأيان لا يدري على أيهما يعول، كأنهم أرادوا داعي النفس، والمراد بالأنفس هاهنا ذواتهم، ويجوز أن يراد قلوبهم ودواعيهم وآراؤهم.
والشعور: علم الإنسان بالشئ علم حس، ومشاعر الإنسان: حواسه.
* (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) * (10) سورة البقرة / 11 استعير المرض لأعراض القلب، كسوء الاعتقاد والغل والحسد وغير ذلك مما هو فساد وآفة شبيهة بالمرض، كما استعيرت الصحة والسلامة في نقائض ذلك، والمراد به هاهنا ما * (في قلوبهم) * من الكفر أو من الغل والحنق على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين * (فزادهم الله مرضا) * بما ينزل على رسوله من الوحي، فيكفرون به ويزدادون كفرا إلى كفرهم، فكأنه سبحانه زادهم ما ازدادوه، وأسند الفعل إلى المسبب (3) كما أسنده إلى السورة في قوله: * (فزادتهم رجسا إلى

(١) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو والأعرج وابن جندب وشيبة ومجاهد وشبل وابن محيصن والزيدي. راجع التبيان: ج ١ ص ٦٨، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد:
ص 139، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 309، والاملاء للعكبري: ج 1 ص 10، والحجة في القراءات لأبي زرعة: ص 87، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 1 ص 57.
(2) في نسخة: لأن قوام النفس به.
(3) في بعض النسخ: السبب.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»