تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٨٣
المضروبة على هذا المستقر، ثم ما سواه سبحانه من شبه عقد النكاح بينهما بإنزال الماء من المظلة منهما على المقلة (1)، والإخراج به من بطنها أشباه النسل من ألوان الثمار * (رزقا) * لبني آدم، ليقابلوا هذه النعمة العظيمة بواجب الشكر، ويتفكروا في خلق أنفسهم وخلق ما فوقهم وما تحتهم، فيعلموا أنه لابد لها من خالق ليس كمثلها، حتى لا يجعلوا المخلوقات * (أندادا) * له وهم يعلمون أنها لا تقدر على بعض ما هو عليه قادر. ومعنى جعل الأرض فراشا وبساطا ومهادا للناس: أنهم يتقلبون عليها كما يتقلب على الفراش والبساط والمهاد. والبناء مصدر سمي به المبني، وأبنية العرب أخبيتهم (2)، ومنه " بنى على امرأته ".
و " من " في * (من الثمرات) * للتبعيض، كأنه قال: أنزلنا من السماء بعض الماء، فأخرجنا به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم، لأنه لم ينزل من السماء الماء كله ولا أخرج بالمطر جميع الثمرات ولا جعل الرزق كله في الثمرات.
ويجوز أن يكون " من " للبيان، كما تقول: أنفقت من الدراهم ألفا. وإذا كان " من " للتبعيض كان قوله: * (رزقا) * منصوبا بأنه مفعول له، وإذا كان للبيان كان * (رزقا) * مفعولا به ل‍ " أخرج ".
والند: المثل، ولا يقال: الند إلا للمثل المخالف المناوئ أي: هو الذي حفكم (3) بهذه الدلائل النيرة الشاهدة بالوحدانية، فلا تتخذوا له شركاء * (وأنتم) * أهل المعرفة والتمييز، أو أنتم تعلمون ما بينه وبينها من التفاوت، أو أنتم تعلمون أنه لا يماثل.

(1) أراد بالمقلة: الأرض الحاملة للمخلوقات عليها، وبالمظلة: السماء التي تغطيها كالقبة.
(2) الأخبية جمع خباء، وهو من الأبنية ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر. (القاموس المحيط:
مادة خبا).
(3) في نسخة: خصكم.
(٨٣)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الشكر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»