تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٧٦
* (ويمدهم) * من مد الجيش وأمده إذا زاده، والمعنى: أنه يمنعهم ألطافه التي يمنحها المؤمنين ويخذلهم بسبب كفرهم، فتبقى قلوبهم يتزايد الرين والظلمة فيها كما يتزايد الانشراح والنور في قلوب المؤمنين. وأسند ذلك التزايد إلى الله سبحانه لأنه مسبب عن فعله بهم بسبب كفرهم. وعن الحسن (1) قال: في ضلالتهم يتمادون (2) والطغيان: الغلو في الكفر ومجاوزة الحد في العتو، وفي إضافة الطغيان إليهم ما يدل على أن الطغيان والتمادي في الضلال مما اقترفته نفوسهم، والعمه مثل العمى إلا أن العمة في الرأي خاصة، وهو التحير والتردد، لا يدري أين يتوجه.
* (أولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) * (16) سورة البقرة / 17 معنى اشتراء * (الضللة بالهدى) * اختيارها عليه واستبدالها به على سبيل الاستعارة، لأن الاشتراء فيه إعطاء بدل وأخذ آخر، والضلالة: الجور عن القصد، وفي المثل: " ضل دريص نفقه " (3)، فاستعير للذهاب عن الصواب في الدين، والربح: الفضل على رأس المال، وأسند الخسران إلى التجارة مجازا، والمعنى:
أن المطلوب في التجارة سلامة رأس المال والربح، وهؤلاء قد أضاعوا

(1) هو الحسن بن أبي الحسن بن يسار، أبو سعيد البصري، مولى الأنصار، كان فصيحا زاهدا، وكان حافظا واعظا بارعا في وعظه، وكان راويا عن كثير من الصحابة، ولد لسنتين بقينا من خلافة عمر، ونشأ بوادي القرى، وتوفي سنة 110 ه‍ وهو ابن ثمان وثمانين. (تهذيب التهذيب لابن حجر: ج 2 ص 263 - 270، وميزان الاعتدال للذهبي: ج 1 ص 254، وحلية الأولياء لأبي نعيم: ج 2 ص 131، وأمالي السيد المرتضى: ج 1 ص 106).
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 68.
(3) الدرص: ولد الفأرة واليربوع والهرة وأشباهها، ونفقه: جحره، والمثل يضرب لمن يعني بأمره ويعد حجة لخصمه فينسى عند الحاجة. راجع مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 432، والقاموس المحيط: مادة (درص).
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»