وإحلال هذه الأشياء: أن يتهاون بحرمتها وتضيع، وأن يحال بينها وبين المتنسكين، وأن يحدث في شهر الحج ما يصد الناس عن الحج، وأن يتعرض للهدي بالغصب أو بالمنع من بلوغ محله. وفي إحلال القلائد وجهان: أحدهما: أن يراد ذوات القلائد من البدن والبقر، وإنما عطف بها على الهدي للاختصاص وزيادة التوصية بها كأنه قيل: والقلائد منها خصوصا، والثاني: أن ينهى عن التعرض لقلائد الهدي، مبالغة في النهي عن التعرض للهدي، كأنه قيل: ولا تحلوا قلائدها فضلا عن أن تحلوها كقوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن) * (1) نهي عن إبداء الزينة فضلا عن إبداء مواقعها (2) * (ولا آمين) * أي: ولا تحلوا قوما قاصدين المسجد الحرام * (يبتغون فضلا من ربهم) * وهو الثواب * (ورضوا نا) * وأن يرضى عنهم، أي: لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم تعظيما لهم * (وإذا حللتم فاصطادوا) * هو إباحة للاصطياد بعد الحظر، كأنه قيل: وإذا حللتم فلا جناح عليكم أن تصطادوا.
وجرم مثل كسب في تعديه إلى مفعول واحد واثنين، تقول: جرم ذنبا وجرمته ذنبا، وكسب شيئا وكسبته إياه، وأول المفعولين في الآية ضمير المخاطبين، والثاني * (أن تعتدوا) *، و * (أن صدوكم) * بفتح الهمزة متعلق بال * (شنان) * وهو شدة البغض، وقرئ بسكون النون أيضا (3)، والمعنى: ولا يكسبنكم بغض قوم الاعتداء، ولا يحملنكم عليه لأن صدوكم عن المسجد الحرام وهو منع أهل مكة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين يوم الحديبية عن العمرة، ومعنى الاعتداء: الانتقام منهم بإلحاق المكروه بهم * (وتعاونوا على البر والتقوى) * أي: على العفو والإغضاء