تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
عليه، وفي قراءة عبد الله: " كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله " (1)، وقيل:
إن معناه: كان الناس أمة واحدة كفارا فبعث الله النبيين فاختلفوا عليهم (2)، والأول أوجه * (وأنزل معهم الكتاب) * يريد به الجنس، أو أنزل مع كل واحد منهم كتابه * (ليحكم) * الله أو الكتاب أو النبي المنزل عليه * (بين الناس فيما اختلفوا فيه) * في الحق والدين الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق * (وما اختلف فيه إلا الذين أوتوا) * الكتاب المنزل لإزالة الخلاف، يعني: أنهم جعلوا نزول الكتاب الذي أنزل لإزالة الاختلاف (3) سببا في شدة الاختلاف (4) * (بغيا بينهم) * حسدا وظلما بينهم لحرصهم على الدنيا * (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق) *: * (من) * للتبيين، أي: فهداهم للحق الذي اختلف فيه من اختلف.
* (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) * (214) * (أم) * منقطعة معناها: بل أحسبتم، والهمزة فيها للتقرير (5) واستبعاد الحسبان. لما ذكر ما كانت عليه الأمم من الاختلاف على النبيين بعد مجئ البينات تشجيعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين على الصبر مع الذين اختلفوا عليه من المشركين واليهود وعداوتهم له قال لهم على طريقة الالتفات: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم) * " لما " للتوقع وهي في النفي نظير " قد " في الإثبات،

(١) حكاه عنه الزمخشري في كشافه: ج ١ ص ٢٥٥.
(٢) قاله ابن عباس والحسن وعطاء واختاره الجبائي. راجع التبيان: ج ٢ ص ١٩٤، وتفسير البغوي: ج ١ ص ١٨٦.
(3) و (4) في بعض النسخ: الخلاف.
(5) في نسخة: للتقريع.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»