الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٨٩
مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور * وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار
____________________
فوزكم وفلاحكم، فإذن ما كره كفركم ولا رضى شكركم إلا لكم ولصلاحكم، لا لأن منفعة ترجع إليه لأنه الغنى الذي لا يجوز عليه الحاجة، ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت لله تعالى ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر فقال:
هذا من العام الذي أريد به الخاص، وما أراد إلا عباده الذين عناهم في قوله - إن عبادي ليس لك عليهم سلطان - يريد المعصومين كقوله تعالى - عينا يشرب بها عباد الله - تعالى الله عما يقول الظالمون، وقرئ يرضه بضم الهاء بوصل وبغير وصل وبسكونها (خوله) أعطاه، قال أبو النجم:
أعطى فلم يبخل ولم يبخل * كوم الذرى من خول المخول وفي حقيقته وجهان: أحدهما جعله خائل مال من قولهم هو خائل مال وخال مال إذا كان متعهدا له حسن القيام به، ومنه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخول أصحابه بالموعظة. والثاني جعله يخول من خال يخول إذا اختال وافتخر، وفي معناه قول العرب: * إن الغنى طويل الذيل مياس * (ما كان يدعو إليه) أي نسى الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه. وقيل نسى ربه الذي كان يتضرع إليه ويبتهل إليه وما بمعنى من كقوله تعالى - وما خلق الذكر والأنثى - وقرئ ليضل بفتح الياء وضمها بمعنى أن نتيجة جعله لله أندادا ضلاله عن سبيل الله أو إضلاله، والنتيجة قد تكون غرضنا في الفعل وقد تكون غير غرض، وقوله (تمتع بكفرك) من
(٣٨٩)
مفاتيح البحث: النسيان (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»