____________________
من دون الله أولياء: بنات الله ولذلك عقبه محتجا عليه بقوله (لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء) يعنى لو أراد اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح لكونه محالا ولم يتأت إلا أن يصطفى من خلقه بعضه ويختصهم ويقربهم كما يختص الرجل ولده ويقربه، وقد فعل ذلك الملائكة فافتتنتم به وغركم اختصاصه إياهم فزعمتم أنهم أولاده جهلا منكم به وبحقيقته المخالفة لحقائق الأجسام والأعراض كأنه قال: لو أراد اتخاذ الولد لم يزد على ما فعل من اصطفاء ما يشاء من خلقه وهم الملائكة، إلا أنكم لجهلكم به حسبتم اصطفاءهم اتخاذهم أولادا، ثم تماديتم في جهلكم وسفهكم فجعلتموهم بنات فكنتم كذابين كفارين متبالغين في الافتراء على الله وملائكته غالين في الكفر، ثم قال (سبحانه) فنزه ذاته عن أن يكون له أحد ما نسبوا إليه من الأولاد والأولياء. ودل على ذلك بما ينافيه وهو أنه واحد فلا يجوز أن يكون له صاحبة، لأنه لو كانت له صاحبة لكانت من جنسه ولا جنس له، وإذا لم يتأت أن يكون له صاحبة لم يتأت إن يكون له ولد وهو معنى قوله - أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة - وقهار غلاب لكل شئ، ومن الأشياء آلتهم فهو يغلبهم فيكف يكونون له أولياء وشركاء. ثم دل بخلق السماوات والأرض وتكوير كل واحد من الملوين على الآخر وتسخير النيرين وجريهما لأجل مسمى وبث الناس على كثرة عددهم من نفس واحدة وخلق الأنعام على أنه واحد لا يشارك قهار لا يغالب. والتكوير: اللف واللى، يقال كار العمامة على رأسه وكروها، وفيه أوجه: منها أن الليل والنهار خلفة يذهب هذا ويغشى مكانه هذا وإذا غشى مكانه فكأنما ألبسه ولف عليه كما يلف اللباس على اللابس، ومنه قول ذي الرمة في وصف السراب:
تلوى الثنايا بأحقيها حواشيه * لي الملاء بأبواب التفاريج ومنها أن كل واحد منهما يغيب الآخر إذا طرأ عليه فشبه في تغييبه إياه بشئ لف عليه ما غيبه عن مطامح الأبصار، ومنها أن هذا يكر على هذا كرورا متتابعا، فشبه ذلك بتتابع أكوار العمامة بعضها على أثر بعض (ألا هو العزيز) الغالب القادر على عقاب المصرين (الغفار) لذنوب التائبين، أو الغالب الذي يقدر على أن
تلوى الثنايا بأحقيها حواشيه * لي الملاء بأبواب التفاريج ومنها أن كل واحد منهما يغيب الآخر إذا طرأ عليه فشبه في تغييبه إياه بشئ لف عليه ما غيبه عن مطامح الأبصار، ومنها أن هذا يكر على هذا كرورا متتابعا، فشبه ذلك بتتابع أكوار العمامة بعضها على أثر بعض (ألا هو العزيز) الغالب القادر على عقاب المصرين (الغفار) لذنوب التائبين، أو الغالب الذي يقدر على أن