____________________
قوله (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) بعد قوله - من دون المؤمنين - وهي جملة اعتراضية، وقوله (لكيلا يكون عليك حرج) متصل بخالصة لك من دون المؤمنين، ومعنى هذه الجملة الاعتراضية: أن الله قد علم ما يجب فرضه على المؤمنين في الأزواج والإماء وعلى أي حد وصفة يجب أن يفرض عليهم، ففرضه وعلم المصحلة في اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اختصه به ففعل، ومعنى لكيلا يكون عليك حرج: لئلا يكون عليك ضيق في دينك حيث اختصصناك بالتنزيه واختيار ما هو أولى وأفضل، وفي دنياك حيث أحللنا لك أجناس المنكوحات وزدنا لك الواهبة نفسها. وقرئ خالصة بالرفع: أي ذاك خلوص لك وخصوص من دون المؤمنين. ومن جعل خالصة نعتا للمرأة، فعلى مذهبه هذه المرأة خالصة لك من دونهم (وكان الله غفورا) للواقع في الحرج إذا تاب (رحيما) بالتوسعة على عباده. روى أن أمهات المؤمنين حين تغايرن وابتغين زيادة النفقة وغظن رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرهن شهرا، ونزل التخيير فأشفقن أن يطلقهن فقلن: يا رسول الله افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت. وروى أن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إني أرى ربك يسارع في هواك (ترجئ) بهمز وغير همز: تؤخر (وتؤوى) تضم، يعني تترك مضاجعة من تشاء منهن وتضاجع من تشاء، أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء، أو لا تقسم لأيتهن شئت وتقسم لمن شئت، أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك وتتزوج من شئت. وعن الحسن رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة لم يكن لاحد أن يخطبها حتى يدعها، وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض لأنه إما أن يطلق وإما أن يمسك فإذا أمسك ضاجع أو ترك وقسم أو لم يقسم، وإذا طلق وعزل فإما أن يخلى المعزولة لا يبتغيها أو يبتغيها. روى أنه أرجى منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة، فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء، وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب رضي الله عنهن، أرجى خمسا وآوى أربعا. وروى أنه كان يسوى ما أطلق له وخير فيه، إلا سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة وقالت: لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك (ذلك) التفويض إلى مشيئتك (أدنى) إلى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا لأنه إذا سوى بينهن في الايواء والارجاء والعزل والابتغاء وارتفع التفاضل ولم يكن لاحداهن مما تريد ومما لا تريد إلا مثل ما للأخرى، وعلمن أن هذا التفويض من عند الله وبوحيه اطمأنت نفوسهن وذهب التنافس والتغير وحصل الرضا وقرت العيون وسلت القلوب (والله يعلم ما في قلوبكم) فيه وعيد لمن لم ترض لمن لم ترض منهن بما دبر الله من ذلك وفوض إلى مشيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث على تواطؤ قلوبهن والتصافي بينهن والتوافق على طلب رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيه طيب نفسه. وقرئ تقر أعينهن بضم التاء ونصب الأعين، وقر أعينهن على البناء للمفعول (وكان الله عليما) بذات الصدور (حليما) لا يعاجل بالعقاب