____________________
الله بخمسة أوصاف وقابل كلا منها بخطاب مناسب له: قابل الشاهد بقوله - وبشر المؤمنين - لأنه يكون شاهدا على أمته وهم يكونون شهداء على سائر الأمم، وهو الفضل الكبير، والمبشر بالاعراض عن الكافرين والمنافقين لأنه إذا أعرض عنهم أقبل جميع إقباله على المؤمنين وهو مناسب للبشارة، والنذير يدع أذاهم لأنه إذا ترك أذاهم في الحاضر والأذى لابد له من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل، والداعي إلى الله بتيسيره بقوله - وتوكل على الله - لأنه من توكل على الله يسر عليه كل عسير، والسراج المنير بالاكتفاء به وكيلا لان من أناره الله برهانا على جميع خلقه كان جديرا بأن يكتفى به عن جميع خلقه. النكاح: الوطء، وتسمية العقد نكاحا لملابسته له من حيث إنه طريق إليه، ونظيره تسميتهم الخمر إثما لأنها سبب في اقتراف الاثم، ونحوه في علم البيان قول الراجز:
* أسنمة الابال في سحابه * سمى الماء بأسنمة الابال لأنه سبب سمن المال وارتفاع أسنمته، لم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به. ومن آداب القرآن الكتابة عنه بلفظ الملامسة والمماسة والقربان والتغشي والآتيان. فإن قلت: لم خص المؤمنات والحكم الذي نطقت به الآية تستوى فيه المؤمنات والكتابيات؟ قلت: في اختصاصهن تنبيه على أن أصل أمر المؤمن والأولى به أن يتخير لنطفته وأن لا ينكح إلا مؤمنة عفيفة ويتنزه عن مزاوجة الفواسق فما بال الكوافر، ويستنكف أن يدخل تحت لحاف واحد عدوة الله ووليه، فالتي في سورة المائدة تعليم ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وهذه فيها تعليم ما هو الأولى بالمؤمن من نكاح المؤمنات. فإن قلت: ما فائدة ثم في قوله (ثم طلقتموهن)؟ قلت:
فائدته نفي التوهم عمن عسى يتوهم تفاوت الحكم بين أن يطلقها وهي قريبة العهد من النكاح وبين أن يبعد عهدها بالنكاح وتتراخى بها المدة في حبالة الزوج ثم يطلقها. فإن قلت: إذا خلا بها خلوة يمكنه معها المساس هل يقوم ذلك مقام المساس؟ قلت: نعم عند أبي حنيفة وأصحابه حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس، وقوله (فما لكم عليهن من عدة) دليل على أن العدة حق واجب على النساء للرجال (تعتدونها) تستوفون عددها من قولك عددت الدراهم فاعتدها كقولك كلته فاكتاله ووزنته فأتزنه. وقرئ تعتدونا مخففا: أي تعتدون فيها كقوله: ويوم شهدناه، والمراد بالاعتداء ما في قوله تعالى - ولا تمسكوهن اضرارا لتعتدوا - فإن قلت: ما هذا التمتيع أواجب أم مندوب إليه؟ قلت: إن كان غير مفروض لها كانت المتعة واجبة، ولا تجب المتعة عند أبي حنيفة إلا لها وحدها دون سائر المطلقات، وإن كانت مفروضا لها فالمتعة مختلف فيها: فبعض على الندب والاستحباب ومنهم أبو حنيفة.
وبعض على الوجوب (سراجا جميلا) من غير ضرار ولا منع واجب (أجورهن) مهورهن لان المهر أجر على البضع، وإيتاؤها إما إعطاؤها عاجلا وإما فرضها وتسميتها في العقد. فإن قلت: لم قال اللاتي آتيت أجورهن ومما أفاء الله عليك واللاتي هاجرن معك وما فائدة هذه التخصيصات؟ قلت: قد أختار الله لرسوله الأفضل الأولى واستحبه بالأطيب الأزكى كما اختصه بغيرها من الخصائص وآثره بما سواها من الأثر، وذلك أن تسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية وإن وقع العقد جائزا وله أن يماسها، وعليه مهر المثل إن دخل بها، والمتعة
* أسنمة الابال في سحابه * سمى الماء بأسنمة الابال لأنه سبب سمن المال وارتفاع أسنمته، لم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به. ومن آداب القرآن الكتابة عنه بلفظ الملامسة والمماسة والقربان والتغشي والآتيان. فإن قلت: لم خص المؤمنات والحكم الذي نطقت به الآية تستوى فيه المؤمنات والكتابيات؟ قلت: في اختصاصهن تنبيه على أن أصل أمر المؤمن والأولى به أن يتخير لنطفته وأن لا ينكح إلا مؤمنة عفيفة ويتنزه عن مزاوجة الفواسق فما بال الكوافر، ويستنكف أن يدخل تحت لحاف واحد عدوة الله ووليه، فالتي في سورة المائدة تعليم ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وهذه فيها تعليم ما هو الأولى بالمؤمن من نكاح المؤمنات. فإن قلت: ما فائدة ثم في قوله (ثم طلقتموهن)؟ قلت:
فائدته نفي التوهم عمن عسى يتوهم تفاوت الحكم بين أن يطلقها وهي قريبة العهد من النكاح وبين أن يبعد عهدها بالنكاح وتتراخى بها المدة في حبالة الزوج ثم يطلقها. فإن قلت: إذا خلا بها خلوة يمكنه معها المساس هل يقوم ذلك مقام المساس؟ قلت: نعم عند أبي حنيفة وأصحابه حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس، وقوله (فما لكم عليهن من عدة) دليل على أن العدة حق واجب على النساء للرجال (تعتدونها) تستوفون عددها من قولك عددت الدراهم فاعتدها كقولك كلته فاكتاله ووزنته فأتزنه. وقرئ تعتدونا مخففا: أي تعتدون فيها كقوله: ويوم شهدناه، والمراد بالاعتداء ما في قوله تعالى - ولا تمسكوهن اضرارا لتعتدوا - فإن قلت: ما هذا التمتيع أواجب أم مندوب إليه؟ قلت: إن كان غير مفروض لها كانت المتعة واجبة، ولا تجب المتعة عند أبي حنيفة إلا لها وحدها دون سائر المطلقات، وإن كانت مفروضا لها فالمتعة مختلف فيها: فبعض على الندب والاستحباب ومنهم أبو حنيفة.
وبعض على الوجوب (سراجا جميلا) من غير ضرار ولا منع واجب (أجورهن) مهورهن لان المهر أجر على البضع، وإيتاؤها إما إعطاؤها عاجلا وإما فرضها وتسميتها في العقد. فإن قلت: لم قال اللاتي آتيت أجورهن ومما أفاء الله عليك واللاتي هاجرن معك وما فائدة هذه التخصيصات؟ قلت: قد أختار الله لرسوله الأفضل الأولى واستحبه بالأطيب الأزكى كما اختصه بغيرها من الخصائص وآثره بما سواها من الأثر، وذلك أن تسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية وإن وقع العقد جائزا وله أن يماسها، وعليه مهر المثل إن دخل بها، والمتعة