____________________
بالخصلة التي هي أحسن، وهي مقابلة الخشونة باللين والغضب بالكظم والسورة بالأناة كما قال - ادفع بالتي هي أحسن - (إلا الذين ظلموا) فأفرطوا في الاعتداء والعناد ولم يقبلوا النصح ولم ينفع فيهم الرفق فاستعملوا معهم الغلظة، وقيل إلا الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إلا الذين أثبتوا الولد والشريك وقالوا - يد الله مغلولة - وقيل معناه: ولا تجادلوا الداخلين في الذمة المؤدين للجزية إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا فنبذوا الذمة ومنعوا الجزية فإن أولئك مجادلتهم بالسيف. وعن قتادة: الآية منسوخة بقوله تعالى - قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر - ولا مجادلة أشد من السيف. وقوله (قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا) من جنس المجادلة بالتي هي أحسن. وعن النبي صلى الله عليه وسلم " ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم، وإن كان حقا لم تكذبوهم ". ومثل ذلك الانزال (أنزلنا إليك الكتاب) أي أنزلناه مصدقا لسائر الكتب السماوية تحقيقا لقوله - آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم - وقيل كما أنزلنا الكتب إلى من كان قبلكم أنزلنا إليك الكتاب (فالذين آتيناهم الكتاب) هم عبد الله بن سلام ومن آمن معه (ومن هؤلاء) من أهل مكة، وقيل أراد بالذين أوتوا الكتاب الذين تقدموا عهد رسول الله من أهل الكتاب ومن هؤلاء ممن في عهده منهم (وما يجحدوا بآياتنا) مع ظهورها وزوال الشبهة عنها إلا المتوغلون في الكفر المصممون عليه. وقيل هم كعب بن الأشرف وأصحابه. وأنت أمي ما عرفك أحد قط بتلاوة كتاب ولا خط (إذا) لو كان شئ من ذلك:
أي من التلاوة والخط (لارتاب المبطلون) من أهل الكتاب وقالوا الذي نجده في كتبنا أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به، أو لارتاب مشركو مكة وقالوا لعله تعلمه أو كتبه بيده. فإن قلت: لم سماهم مبطلين ولو لم يكن أميا وقالوا ليس بالذي نجده في كتبنا لكانوا صادقين محقين ولكان أهل مكة أيضا على حق في قولهم لعله تعلمه أو كتبه فإنه رجل قارئ كاتب. قلت: سماهم مبطلين لانهم كفروا به وهو أمي بعيد من الريب فكأنه قال: هؤلاء المبطلون في كفرهم به لو لم يكن أميا لارتابوا أشد الريب فحين ليس بقارئ كاتب فلا وجه لارتيابهم، وشئ آخر وهو أن سائر الأنبياء عليهم السلام لم يكونوا أميين ووجب الايمان بهم وبما جاءوا به لكونهم مصدقين من جهة الحكيم بالمعجزات، فهب أنه قارئ كاتب فما لهم لم يؤمنوا به من الوجه الذي آمنوا منه بموسى وعيسى عليهما السلام على أن المنزلين ليسا بمعجزين وهذا المنزل معجز، فإذن هم مبطلون حيث لم يؤمنوا به وهو أمي، ومبطلون لو لم يؤمنوا به وهو غير أمي. فإن قلت: ما فائدة قوله بيمينك؟ قلت: ذكر اليمين وهي الجارحة التي يزاول بها الخط زيادة تصوير لما نفى عنه من كونه كاتبا، ألا ترى أنك إذا قلت في الإثبات: رأيت الأمير يخط هذا الكتاب بيمينه،
أي من التلاوة والخط (لارتاب المبطلون) من أهل الكتاب وقالوا الذي نجده في كتبنا أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به، أو لارتاب مشركو مكة وقالوا لعله تعلمه أو كتبه بيده. فإن قلت: لم سماهم مبطلين ولو لم يكن أميا وقالوا ليس بالذي نجده في كتبنا لكانوا صادقين محقين ولكان أهل مكة أيضا على حق في قولهم لعله تعلمه أو كتبه فإنه رجل قارئ كاتب. قلت: سماهم مبطلين لانهم كفروا به وهو أمي بعيد من الريب فكأنه قال: هؤلاء المبطلون في كفرهم به لو لم يكن أميا لارتابوا أشد الريب فحين ليس بقارئ كاتب فلا وجه لارتيابهم، وشئ آخر وهو أن سائر الأنبياء عليهم السلام لم يكونوا أميين ووجب الايمان بهم وبما جاءوا به لكونهم مصدقين من جهة الحكيم بالمعجزات، فهب أنه قارئ كاتب فما لهم لم يؤمنوا به من الوجه الذي آمنوا منه بموسى وعيسى عليهما السلام على أن المنزلين ليسا بمعجزين وهذا المنزل معجز، فإذن هم مبطلون حيث لم يؤمنوا به وهو أمي، ومبطلون لو لم يؤمنوا به وهو غير أمي. فإن قلت: ما فائدة قوله بيمينك؟ قلت: ذكر اليمين وهي الجارحة التي يزاول بها الخط زيادة تصوير لما نفى عنه من كونه كاتبا، ألا ترى أنك إذا قلت في الإثبات: رأيت الأمير يخط هذا الكتاب بيمينه،